نصفيّةٌ أو رئاسية.. الرئيسُ الأمريكي«رئيسٌ لكل العالم» إلّا أميركا

تشرين-هبا علي أحمد:
هل يصلح أن يكون رئيسٌ ما، رئيسَ كل العالم إلّا دولته.. وهل يمكن تصور ذلك؟ قد يكون الموضوع ضرباً من الخيال.. هذه التساؤلات حرضت عليها انتخابات التجديد النصفي الأميركية، إذ ليست القضية مَن يغلب من ومن ترجح كفته الديمقراطي أم الجمهوري فالقالب واحد..؟
أي حزب وأي رئيس في الولايات المتحدة الأميركية، يكون الرئيس رئيساً «لكل العالم» إن صح التعبير إلّا أمريكا!.. كيف ذلك؟!
نعم.. أي حزب وأي رئيس أمريكي مع حزبه هو رئيس الحروب ورئيس الصراعات والفوضى والاضطرابات، ورئيس التدخلات في شؤون الدول الأخرى وتجويع شعوبها ونهب ثرواتها، ورئيس الانقلابات أيضاً، وهذه كلها نعيشها اليوم وبدمغةٍ أمريكية ثابتة باختلاف الرؤساء، وفي المنظور الأميركي تحتاج هذه الفوضى رئيساً يتم اختياره بعناية ودقة، يمتلك من البطش والعنجهية ما يمتلك.. ومن الغوغائية أيضاً إضافة إلى حمل مصطلحات «الحقوق والحريات والديمقراطية» شمّاعة لازمة، وبالطبع مفرغة من مضامينها الفعلية، لاكتمال المشهد المُراد أمريكياً على المسرح الدولي المقصود فيها أدوات التدخلات والانقلابات وماشابهها، وكلها تصب في النهاية في خدمة تشغيل المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وراهناً نحن أمام النسخة الحزبية «البايدينية» القائمة منذ ٢٠٢٠.
ما يهمّ أي رئيس أمريكي هو الخارج والمحافظة على الهيمنة والسطوة والسيطرة على دول العالم، وهذا جزء أساس من برنامجه الانتخابي، ويتوقف عليه دعم ما يسمّى «الدولة العميقة» من عدمه، والتي لا يخفى على أحد أنها الحاكم الفعلي والمحرك الأساس، والرؤساء هم الواجهة الضرورية لإبقاء «العظمة الأمريكية» على صورتها، فمن حربٍ إلى أخرى، بالأصالة والوكالة معاً، لا تخمد نار إحدى الجبهات حتى نراها مُستعرةً في جبهة أخرى، مع ابتداع علاقات متوترة مع أي دولة بسبب مزعوم وبلا سبب، المهم هو الوجود الأمريكي.
أياً تكن الأحزاب الأمريكية واختلاف أنماطها وصراعاتها الداخلية، فكلها تلتقي في مصب واحدٍ بالنسبة للتعامل مع الآخر، سواء مع الدول أو مع الأفراد، وهنا نقصد العنصرية المتفشية في المجتمع الأمريكي تجاه ذوي البشرة السمراء، وتالياً فالنتيجة واحدة، فلا ديمقراطي ولا جمهوري، لا فرق بينهما في السطوة والتسلط تجاه الخارج.
أما في الداخل، فنجد أنه بين «الحمار» الديمقراطي و«الفيل» الجمهوري تقبع الأصوات الأمريكية.. أصواتٌ بلا صوت رغم فعاليتها وتأثيرها في المشهد الأمريكي الداخلي.. بلا صوت لأن تأثيرها لا يتعدى حدود الانتخابات أي انتخابات، ولا يتعدى حدود اختيار الرئيس واختيار حزبه أو الحزب المضاد، ليس إيماناً ويقيناً بقدر ما هو في إطار المناكفة السياسية، فمن يختار أحد الحزبين اليوم قد يتوجه إلى الآخر غداً لتلبية تطلعات فشل الأول في تحقيقها.
أصواتٌ بلا صوت، لأن ما بعد الانتخاب سواء كانت نصفية أو رئاسية ليس كما قبله وهذا حال كل رئيس أمريكي وكل حزب، إذ يتوجّه الناخبون، وعينهم على وعود قطعت، وثمة تفضيل بين أحد وآخر، ليختلف المشهد بعد ذلك، وهنا نقصد المشهد الرئاسي- الحزبي الأمريكي تجاه الخارج، ويبقى الداخل رهن المناكفات السياسية والمشاحنات وكيل التهم بالإخفاق، وتتمظهر أكثر عند اقتراب الموعد -أي الانتخابات- ليكسب كل طرف على حساب الآخر، من خلال التذكير بما لم يُنجز، ومن خلال الفضائح، وهذا سلسلة متواصلة متقطعة تعاد كل سنتين في انتخابات التجديد النصفي، وكل أربع سنوات في الانتخابات الرئاسية، فما نشهده اليوم في 2022، سنشهده في 2024.

للمزيد أقرأ أيضاً:

نحن والانتخابات النصفية الأميركية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار