«الرؤية» العُمانية و«رسالة عاجلة إلى القمة العربية بالجزائر»

تشرين:
أيام قليلة وتنطلق القمة العربية الـ31 في الجزائر وسط توقعات بأن تكون مختلفة عن سابقاتها، وذلك لما تشكله الجزائر من محطة جامعة تنتهج مسار الوحدة العربية وتسعى لأن تكون القمة التي تستضيفها قمة «لمّ الشمل».. ولناحية القضايا الكبيرة التي تتصدى لها وعلى رأسها الحرب الإر*ها*بية على سورية، وما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من تطورات في الآونة الأخيرة.
وتتصدر قمة الجزائر وتحضيراتها المشهد الإعلامي من برامج وتحليلات ومقالات تتناول مختلف القضايا المدرجة على جدول أعمالها ومنها سورية وما هو المطلوب لدعمها ومساندتها لمواجهة ما تتعرض له من إر*ه*اب ميداني واقتصادي.
عن ذلك نشرت جريدة «الرؤية» العُمانية مقالاً للكاتب إبراهيم بن سالم الهادي تحت عنوان «رسالة عاجلة إلى القمة العربية بالجزائر» تحدث فيه عن سورية الشعب والدولة، عن الإنسان السوري الذي لامس أوجاعه ومعاناته من خلال زياراته لعدد من المحافظات والمدن السورية.. إذ يبتدئ الكاتب ابن سالم مقاله بالقول: أسردُ هنا تفاصيل الإنسان السوري قبل أن أعرّج على الجمهورية العربية السورية كدولة عربية عظيمة تناهشتها الوحوش وسَلَّطت عليها الكلاب الضالة المرتزقةَ تقتلُ الناس وتُشرّد الأطفال من دون خجل من عبثٍ بواحدة من أقدم الحضارات في العالم، امتدت لآلاف السنين قبل الميلاد.
ويضيف ابن سالم: الإنسان السوري يقف بهيبته وكرامته رغم قلة حيلته، ولا يعرف للركوع أو الخضوع قِبلة، بل إن قبلته الأمل الذي يعيشه حتى لو تجاوز عشرات السنين، يقف الإنسان السوري شامخاً رغم الهموم باحثاً عن شراع يتشبث به، من دون أن يقدم أي تنازل عن عزته وكبريائه، مضيفاً: «ساقتني الأقدار أن زرتُ بعض المحافظات السورية في عام 2019، لأجد دماراً وحشياً استهدف خيرات سورية من مشرقها إلى مغربها، زرتُ دمشق وحمص وتدمُر بآثارها التي لم تسلم من النهب والتدمير»، ليتابع القول: «عاودتُ الزيارة قبل أيام قليلة، لأجد الإنسان السوري بالشموخ ذاته، بل وبعزة أضحت مضاعفة، وبقدر ما وجدت أيادي آثمة عبثت بتلك البلاد وجدت آثار القوة لدى الشعب السوري، فقد لامسته إنساناً صامداً لا يلتفت إلى مخلفات الحصار والحرب، يسير للأمام مرفوع الرأس وقد شمّر عن سواعده ليحقق اكتفاءً ذاتياً من الصناعات بمختلف أنواعها، وجدت جمال الحياة يعصف بقسوة العيش، وجدته مكابراً رغم الاقتصاد الذي هوى بسبب الحصار، وطال الطاقة التي يواجه الشعب السوري بسببها تحديات كبيرة، فالكهرباء باتت تتقطع بشكل مستمر وهو على مشارف الشتاء، وهو ما يستدعي تدخلاً سريعاً من الدول العربية للوقوف مع دولة كانت سنداً للوطن العربي وظهراً يحتمي به».
ويؤكد الكاتب العُماني أن «سورية اغتيلت سياسياً لمصالح دول ومآرب أخرى، جعلتها تحت الحصار والحرب لأكثر من 10 سنوات من دون أن تقدم الدول العربية أي حلول ومن دون إحساس بشقيقة كانت يوماً ما تتشارك اللُقمة مع شقيقاتها الدول على بساطٍ واحدٍ، مؤكداً، إنها فضيحة سياسية شهدتها الدول العربية وهي تضحي بجزء منها من دون أن تتفوه بكلمة واحدة.
وتساءل الكاتب: أليس عيباً أن تضحي الدول العربية بأكثر من عشرين مليون إنسان يدب في بقعة عربية تعد جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي؟ أليست هذه فضيحة سياسة عندما نترك دولة كبيرة مثل سورية وحيدة تصارع الوحوش التي تنهش أراضيها ونفطها وصناعاتها وإنسانها وخيراتها؟ هذا ليس سوى اغتيال سياسي لدولة كان حراكها مؤثراً وإيجابياً على الوطن العربي، الأمر الذي يدعو إلى مراجعة السياسات بشكل أدق، أما آن للدول العربية أن تجتمع لتتخذ قراراً سياسياً شجاعاً يُرجع دولة أساسية إستراتيجية من دولها إلى ملحمة العروبة وإلى شراكةٍ ينمو من خلالها الاقتصاد وتستقر السياسة.
ويضيف: عودة سورية إلى خريطة التعاون العربي ستسهم بشكل كبير في حلّ الأزمة السورية وتخفيف وطأة التدخل الخارجي، وستحقق توازنات إقليمية ودولية في المنطقة، وهذا أيضاً سيعزز التعاون في مكافحة الإر*ه*اب من خلال مساعدة سورية في حلّ مشكلة المسلحين الأجانب الذي ينهبون نفطها وصناعاتها وثرواتها وتطهير الأرض السورية منهم، موضحاً أن عودة سورية القوية ستكون بوابة صد أمام الاحتلال الإسرائيلي الذي ما زال يمارس أبشع الإجرام في حق الشعب الفلسطيني، وستسهم في التعاون على حلّ مشكلة اللاجئين السوريين باعتبارها قضية إنسانية ملحة من خلال مؤتمر عربي للمانحين لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب والحصار.
ويرى الكاتب ابن سالم الهادي أن «الصورة واضحة أمام العرب ويبقى أن ينتبهوا إلى أن جزءاً من الوطن العربي –سورية- حامت حولها الضباع، وأن الوضع يتطلب نبذ كل الخلافات وأن العالم يسير نحو التغيير، وأن الحفاظ على الوحدة والاتحاد هو المنقذ من مغبة الضياع بين الوحوش الكبيرة».

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: هذه تطلعات نتمنى أن تُناقش باستفاضة في القمة العربية التي تنعقد بعد أيام قليلة في الجزائر، فلعلها تتحقق.. وأجزم أنه لو حُلّت قضية سورية، سيساهم ذلك بشكل كبير ومباشر في حلّ قضايا أخرى كالعراق وليبيا، وكل الدول التي تضررت من الحروب في المنطقة وأنهكت وأضعفت، حتى تناهشت الضباع خيراتها إلى اليوم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار