عن النص الموازي للتشكيل.. سلوم لـ”تشرين”: الأحكام العامة على النقد خطأ 

لبنى شاكر:

لا فرق يُذكر في الكلام عن الحركة النقدية التشكيلية، قبل تأسيس جمعية النقد في اتحاد الفنانين التشكيليين عام 2016 أو بعدها، فالكيان المُفترض توحيده لجهود النقّاد، وارتقاؤه بالنص المرافق للصورة، مع تحييد الكتابات الصحفية، التي كثيراً ما تُوصم بأنها قاصرة عن الحالة البصرية، ومُحابية ووصفية، غير أن شيئاً من هذا لم يكن، ولا حتى سواه، لأن المعنيين اكتفوا بعدة اجتماعات وتطلعات، لم ينتج عنها شيءٌ يستحق التوقف عنده، لتُصبح جمعيتهم مع الزمن، اسماً لا أكثر، ولذلك لا شك أسبابٌ عديدة.

وإذا ما تجاوزنا فكرة الجمعية، يصبح الحديث عن خطين منفصلين، في المشهد التشكيلي المحلي، واضحاً بما لا يقبل المُواربة، الأول تتراكم فيه التجارب والمحاولات الفنية، والثاني يحاول المُواكبة، بأسماء مُحددة، التفتت للبعض وأهملت غيرهم في زمنٍ سابق، أو أنّ نقدها فاق الموضوع الأصل، وتجاوزه إلى فنٍ آخر مكتوب، ومع هذا لا يوافق الفنان والناقد د.سائد سلوم، على أنّ النقد لم يكن مواكباً للحركة التشكيلية، إذ لا يُمكن برأيه “إطلاق أحكام عامة على النقد في حد ذاته أو بعلاقته مع التشكيل”.

ويرى سلوم في حديثه إلى “تشرين”، أنّ ربط الفرضية السابقة، بأعداد النقّاد القليلة، أمرٌ آخر، يجب ألّا نتجاهل معه، تعدد الاتجاهات والتيارات الفنية، التي تحكم رؤية النقّاد وتعاطيهم مع العمل الفني.

ومن بين المناهج النقدية، يعود مُدرّس مادتي “التحليل والنقد الفني” و”علم الجمال” في كلية الفنون الجميلة، في جامعة دمشق، إلى النقد الشخصي الانطباعي، وهو منهج عالمي، يُبرز فيه الناقد عواطفه وانفعالاته، بحيث يتجاوز العمل الفني، ليقدم نقده بطريقةٍ إبداعية، لكنه في المقابل، يُتيح للمتلقي مرافقته في مغامراته الروحية.

في النقد التوثيقي، “يهتم النقّاد بالظروف التي ساهمت في وجود العمل الفني، ومنها إلى التفاصيل، في مرجعيات الألوان والخطوط والمواضيع، في عملية بحث واكتشاف، ربما تُثمر عن مفاجآت وحقائق، الفنان نفسه لا يعرفها أو لم يُدركها بالطريقة ذاتها”، بينما يُحاول النقد الحدسي، “استشراف مقولة الفنان أو ما يُسمى رسالةً أو غاية، انطلاقاً من عدة بدهيات أمام المشهد البصري” في حين “أبعدت فلسفاتٌ أخرى معاصرة، اسم الفنان نهائياً، للتخلص من سطوته، أثناء دراسة عمله، لتقديم رؤيةٍ موضوعية”.

أحد أبرز التيارات النقدية، ذهب باتجاه فهم شخصية الفنان من خلال عمله، لكنّ يُؤخذ عليه، تناسي عناصر العمل الفني، باتجاه التحليل النفسي، وهي مدرسة عالمية قدّم لها “فرويد” كثيراً، كما يقول سلوم، ويُضيف: نقّادٌ كثر، لم يفهموا العمل الفني، إلّا بعد الاطلاع على حياة صاحبه، كما في لوحات الرسام الفرنسي “هنري تولوز لوترك”، الذي رسم شخصياته بسيقانٍ طويلة، والسبب يعود إلى نشأته في بيئةٍ تُحب الفروسية، حيث رفض والده أن يكون فناناً، ويبدو أنه أهمل نفسه أثناء ركوب الحصان، فوقع وانكسر حوضه وساقاه، ليُصاب لاحقاً بالقزامة في جزئه الأسفل مقابل نمو الأعلى.

محلياً، يعتمد معظم النقّاد المنهجين التوثيقي والوصفي، والسبب برأي الناقد، ربما يكون بُعد الفلسفات المتعلقة بالمناهج الأخرى عن الواقع النقدي عندنا، لكن يبقى لكل فكر أتباعه وسلبياته وإيجابياته، مع رفض التطرف والعبادة العمياء لأيّ منهجٍ كان.

ولا بدّ من الإشارة، إلى أنّ النقاد لا يقدمون لنا أحكاماً قطعية عن العمل الفني، وليست غاية النقد، الحكم بجودةٍ أو رداءة، وإن كان هذا، لا يُلغي ضرورة توافر شروطٍ في الناقد، منها -والكلام لسلوم- أن ينظر إلى العمل الفني بعقلٍ صافٍ وفكرٍ منفتح، بحيث يلحظ تفاصيله وجزئياته، والوعي بأن عدم إدراك الجماليات الفنية للوهلة الأولى، لا يعني ضعفاً بل يتطلب إعادة قراءة، وما هو أوسع من المشاهدة المباشرة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار