غياب بعض العادات الرمضانية في اللاذقية

رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة ليس من باب التواصل الروحاني وأداء الفرائض، بل في بعض العادات التي ورثت عن الآباء والأجداد، وأهمها “السكبة” وأيضاً العزائم وزينة رمضان التي كان يقوم الناس بها قبل قدوم شهر رمضان ابتهاجاً بقدومه، حيث اقتصرت هذه العادات على الميسورين فقط.
أغلب الأسر في اللاذقية أرغمت قسراً على الابتعاد عن هذه العادات التي تضفي رونقاً جميلاً على أجواء أيام رمضان، وما تعطيه من ألفة ومحبة وتواصل الذي بات قليل بسبب مشاغل الحياة، وقلة هذه العادات حالياً وظهورها خجول بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي لهذه الأسر، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط فقد غاب أيضاً عن موائد الأغلبية تشكيلات كثيرة، منها التمر والحلويات والعصائر والفواكه، وأن وجدت ليس بشكل يومي أو الاكتفاء بصنف واحد منها، وأيضاً كان لوجود المسحراتي رونق خاص بتجوال كل مسحراتي بحي من أحياء المدينة، الآن لا نراه إلا ببعض الأحياء.
رمضان هذا العام كما قال مَن التقتهم “تشرين” فيه غصة أنهم لم يستطيعوا جعل أطفالهم يبتهجون بقدوم رمضان وأيامه كما السابق، خاصة بتزيين المنازل.
الدكتورة نبال جوراني اختصاص علم اجتماع في جامعة تشرين قالت لـ”تشرين”: يستقبل المسلمون في سورية رمضان هذا العام في ظروف مختلفة عن الأعوام السابقة، إذ بتنا نعاني من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية الأساسية، صاحبه فقر موائد الإفطار، وافتقار تلك الروح العائلية والمودة التي كانت سائدة سابقاً.
وأضافت: قد تفاقمت هذه المعاناة بشكل خاص، بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إذ أصبحت بعض المواد التموينية شبه مفقودة كزيت الطهي مثلاً، حيث أثر تضاعف ثمنه على موائد الإفطار في رمضان، التي أصبحت شبه فارغة من أطباق وأصناف رمضانية كثيرة.
وأشارت جوراني إلى أن هذا الغلاء أفضى إلى إفساد أجواء الشهر الكريم، وخلو البيوت من العادات والطقوس الجميلة، التي كانت تجمع أفراد العائلة على مائدة واحدة وفي بيت واحد، والعزائم والولائم التي كانت تجمع الأصدقاء، وتزيين البيوت وغيرها.
ونوهت إلى أن هذا ما ألقى بظلاله على الاحتفاء بأجواء الشهر الكريم، واقتصار التجمعات على المحيط الأسري فقط، وبالتالي ظهور حالة من الإحباط عند الصائمين.
فيما يرى الباحث بالتراث الشعبي نبيل عجمية أن لشهر رمضان خصوصية لدى المسلمين، ليس فقط أنه شهر الصيام والتعبد والتقرب لله، بل لما فيه أيضاً من بركة ورحمة وأجواء روحانية، وله أيضاً طقوسه الخاصة فلا يمكن أن تغيب وأن خفت، لأن الموروث الشعبي محافظ عليها ويعتبرها من الأساسيات.
وأكد عجمية انه في هذا العام خفت بعض العادات المتوارثة كالسكبة وزيارة الأهل والأحبة وعزائم الإفطار والزينة والعصائر والحلويات وغيرها، وتم الحفاظ عليها في حدودها الدنيا، وذلك بسبب الوضع المعيشي وغلاء الأسعار التي أثرت كثيراً على تلاحم الأفراد مع بعضها، فمثلاً كانت العادة ما أن يهل هلال رمضان معلناً قدوم الشهر الفضيل حتى تعم أجواؤه الروحانية، وتبدأ احتفالات الصغار قبل الكبار بتعليق الزينة وتعلو الأصوات بالمباركة مستبشرين بالبركة والخير، وما أن يبدأ أول أيامه حتى تبدأ العزائم بين الأهل، ومن ثم الأحبة والأصدقاء، وجلسات السمر والحكايات ولا تخلو من الصفاء الروحي بالابتهال والأدعية، ففي كل يوم يجب أن تكون السكبة حاضرة، أو أن يكون لديك أحد على الإفطار، في هذه العام هذه الأمور شبه غائبة إلا لدى الميسورين، وأيضاً انتشار التواصل الاجتماعي وانتشار المحطات أبعد الجيل الشاب قليلاً عن بعض العادات كالألفة مع الأسرة والتراحم مع الأقرباء والأصدقاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار