محطات معالجة مع وقف التنفيذ.. ومشكلات عدة من مياه الصرف الصحي
أدى فشل إكمال الأعمال الكهربائية والميكانيكية في ثلاث محطات للصرف الصحي:” سالة – ملح- نمرة “, التي توقفت منذ عام ٢٠١٢ إلى إخراج مئات الدونمات المزروعة بالمحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة, مع الأودية المغذية لها مائياً , من الاستثمار من جراء المياه الملوثة التي تصلها يومياً، ما جعلها مُحرّمةً على أصحابها فلاحةً وزراعةً، نتيجة تعذر وصول الآليات إليها من جراء مستنقعات الصرف الصحي المتجمعة طولاً وعرضاً بها، ما أوقع الفلاحين في دائرة الخسائر المالية لتراجع إنتاجية الأراضي, علماً أن إطلاق العمل بهذه المحطات في هذه القرى كان عنوانه الأساسي رفع التلوث البيئي عن أراضي المزارعين.
إنجاز خجول..!
لم تكن ذريعة عدم صرف فروقات الأسعار للمتعهدين مضافاً إليها ارتفاع أسعار مستلزمات البناء إلا شماعة استند إليها متعهدو أعمال هذه المحطات للتوقف عن العمل تاركين ما تم إنجازه من أعمال للمجهول .
ومن محطة بلدة ملح الواقعة في أقصى جنوب المحافظة كانت بدايتنا لكون الإنجاز بها مازال خجولاً, ولم يصل سقف ٢٠% وعدم إنجازها منذ ما يقارب عشرة أعوام أدى -حسبما قال عدد من أهالي البلدة لـ«تشرين»- إلى تأزيم الواقع البيئي في البلدة، من جراء الروائح الكريهة الناجمة عن مياه الصرف الصحي المتجمعة ضمن الأراضي الزراعية وحول منازل المواطنين، وطبعاً الروائح الكريهة لم تكن نهاية مأساتهم البيئية، وخاصة بعد أن أصبحت هذه المياه العائق الأكبر في وجه كار الزراعة والفلاحة, وكلنا يعرف أن الزراعة تعد البوابة العملية الأساسية للمزارعين هناك.
هذا الواقع البيئي المفروض عليهم قسراً دفع أهالي البلدة إلى استعجال أصحاب الشأن في المحافظة بالعمل الجاد لإكمال ما تبقى من أعمال بهذه المحطة التي أصبحت بحكم المنسية , متسائلين: هل من المعقول والمنطق أن يبقى مشروع كهذا مبيّتاً طوال هذه السنوات، علماً أن تكلفة إنجاز المحطة كانت حينها لا تتجاوز ٨٠ مليون ليرة , بينما حالياً تتطلب أكثر من أربعة مليارات ؟.
إنجاز متقدم.. واستثمار متعثر
برغم الأعمال البنائية والإنشائية التي أخذت بدايةً منحىً تصاعدياً لمحطة المعالجة في قرية سالة الواقعة إلى الشرق من المحافظة إلا أن النهاية كانت متعثرة بامتياز، وذلك حسبما ذكر عدد من أهالي القرية لـ«تشرين» ما بات يشكل خطراً حقيقياً على سدّة رشيدة والأودية المغذية لها، من جراء مياه الصرف الصحي المنتهية في هذه الأودية، إضافة لذلك فترك المياه من دون معالجة أوصلها ملوثة إلى أراضي المزارعين، الأمر الذي تسبب في يباس عشرات الأشجار المثمرة نتيجة إروائها الدائم من هذه المياه، وتالياً إخراجها من دائرة الإنتاج، عدا عما باتت تسببه هذه المياه من أضرار للأهالي من انتشار الحشرات الضارة والروائح الكريهة, وليضم أهالي قرية سالة صوتهم لصوت أهالي بلدة ملح مطالبين من بيده مفاتيح الحل لمتابعة الأعمال المتوقفة ووضع المحطة بالاستثمار.
مياه الشرب في دائرة الخطر
لعلّ الخطر الأكبر من عدم إكمال العمل بالمحطات الثلاث المذكورة أعلاه يكمن في قرية نمرة الواقعة إلى الشمال الشرقي من المحافظة وخاصة بعد أن باتت ” أذرع” التلوث تلامس مصادر مياه الشرب فيها ، لكون مفيض الوادي الذي تحول إلى مصبٍّ دائم لمياه الصرف الصحي يحاذي مصادر مياه الشرب –حسب الأهالي- عدا عن ذلك فقد أدى فيضان المياه الملوثة إلى أراضي المزارعين إلى تلوث التربة وإلحاق أضرارٍ بالمحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة، مع العلم أن التكلفة المالية للمحطة كانت لا تتجاوز حينها ٥٥ مليون ليرة ولكنها حالياً تفوق ثلاثة مليارات ليرة.
وهنا يحضرنا السؤال: في ظل عدم توافر السيولة المالية اللازمة لإنهاء هذا المشروع هل تستطيع محافظة السويداء إنجاز هذه المحطة أم إنها ستبقى للذكرى, وتالياً مصدر قلق دائم للأهالي؟
ماذا يقول رؤساء الوحدات الإدارية ؟
يقول رئيس بلدية ملح حمود بلان: برغم أهمية هذه المحطة في حماية البيئة من التلوث إلاّ أن المشروع لم ينجز لتاريخه وبقي متوقفاً منذ ٢٠١٢ بنسبة إنجاز لا تتجاوز ١٥% , وذلك نتيجة إحجام المتعهد عن إكمال الأعمال بذريعة ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم صرف فروقات أسعار له, لافتاً إلى أن توقف الأعمال بالمحطة ألحق الأذى بنحو ٣٠٠ دونم من الأراضي الزراعية، وقد تقدمت البلدية بطلبات عديدة إلى المحافظة لإكمال الأعمال ولكن لتاريخه لم يتبدل شيء على واقع المحطة.
كما لفت إلى أن تكلفة المحطة وفق الأسعار القديمة كانت تبلغ ٨٠ مليون ليرة، وحالياً بالتأكيد الأسعار زادت أضعافاً مضاعفة.
من جهته يشير رئيس مجلس بلدية سالة طرودي بحصاص إلى أن عدم إكمال ما تبقى من أعمال أدى إلى وصول المياه المالحة إلى سدة رشيدة، كما تسببت مياه الصرف الصحي غير المعالجة بالعديد من الأضرار البيئية، عدا عن أن ترك المحطة طوال هذه السنوات من دون حراسة عرّض موجوداتها للعبث والسرقة.
ويقول رئيس مجلس بلدية نمرة فكري الأباظة: تم إحداث المحطة بموجب العقد ٢٠١٠ المبرم بين محافظة السويداء, وأحد المتعهدين واستمر العمل في هذه المحطة لمدة أربع سنوات أي حتى عام ٢٠١٤ حيث تم استلام المحطة بشكل أولي من الشركة العامة للصرف الصحي بالسويداء وأصبحت قيد التشغيل التجريبي، إلا أن الشركة لم تقم باستلامها بشكل نهائي لعدم وفاء المتعهد بالتزاماته, مشيراً إلى أن المحطة تعرضت للسرقة والتخريب لعدم وجود حراس عليها، علماً أن هذه المحطة تم إحداثها لحماية آبار المياه في القرية وسد شهبا والأودية المغذية له من التلوث، فجريان مياه الصرف الصحي ضمن وادي نمرة قد يؤدي إلى تلوث هذه الآبار إضافةً لتلوث سد شهبا الذي يعد من السدود المغذية للمياه الجوفية في منطقة شهبا وصلخد.
وأشار إلى أن البلدية سبق أن تقدمت بالعديد من الكتب إلى محافظة السويداء متضمنة المطالبة بوضع المحطة بالاستثمار لكون تشغيلها بات ضرورة مُلحة لحماية البيئة من التلوث. ولتاريخه لم يتبدل شيء على واقع المحطة.
من جهته قال مدير الشؤون القانونية في محافظة السويداء وليد الحسين: تمت مخاطبة وزارة الإدارة المحلية والبيئة بغية رصد اعتماد مالي لزوم إكمال العمل في هذه المحطات, علماً أن الموضوع متابع من قبل المحافظة لإكمال الأعمال المتوقفة.