مسرحية “نور العيون” .. نص ضعيف لم يستطع المخرج الارتقاء به

كنا قد تفاءلنا بوجود أربعة عروض مسرحية من إنتاج المسرح القومي ضمن احتفالية اليوم العالمي للمسرح التي ينظمها فرع نقابة الفنانين بحمص ومديرية الثقافة ودائرة المسرح القومي والتي تُختتم فعالياتها مساء اليوم، لكننا صدمنا بمستوى العرض الثالث “نور العيون” الذي جرى على خشبة قصر الثقافة مساء اليوم الثالث. فهو التجربة الإخراجية الأولى لـ ” نزار خضور” والتجربة الأولى لفريق التمثيل، ولا ندري لماذا وقع خيار المخرج على نص ضعيف يحتاج إلى مهارة إخراجية حتى يرتقي بمستواه، ومما زاد الطين بلةً أن النص يحتاج الى فريق تمثيل كبير لتجسيده، فكيف يمكن لصاحب التجربة الأولى أن يفعل ذلك من دون وقوع أخطاء كثيرة كالتي ارتكبت في الإضاءة واستخدام السلايدات ودخول وخروج الممثلين، والموسيقا، ما ساهم بعدم تمتين المشاهد ببعضها وهي بالأصل لا رابط بينها إذ يمكن تجاوز بعضها من دون التأثير على بنية العرض غير المبنية على التصاعدية الدرامية، ويمكن الاستعاضة عن بعضها بتقنية الراوي التي استخدمها المخرج.

ولا ننكر على المخرج ” خضور” حقه بمثل هذه الفرصة لكننا كنا نتمنى أن يحسن اختيار النص حتى تنجح تجربته الأولى وكذلك تجربة فريق تمثيله الذي بذل جهداً يشكر عليه، وإن كان بتفاوت وفق ما يمتلكونه من خبرة. فالنص في زعمنا انقضى خطابه لأنه لم يقدّم ما يكشف للجمهور فصارت عامة الناس تعرف أن الذين ضحوا بدمائهم من أجل الدفاع عن الوطن لا فرصة للحياة لأبنائهم ولا لذويهم بسبب تقصير تاريخي تجاه تأمين حقوقهم، وهي قضية لا تزال مستمرة فأن ينبني النص الذي أعده الكاتب جوان جان عن نص للكاتب التركي “خلدون الطانر”، على شخصيتين ” نور وسامي ” من خلال مسيرتهما التي تبدأ منذ لحظة ميلادهما، ليس مقنعا، وسنشير لاحقاً للسبب. فوالد الثاني “بيك” يفضّل نفسه على الآخرين فيأخذ القابلة لزوجته رغم أنها كانت في الطريق إلى بيت والدة نور حتى تساعدها على ولادتها، ولنبدأ من خلال لوحات – ليس فيها أي جديد – نتعرف على الفرق بين الشخصيتين ف”سامي” استغلالي وانتهازي للفرص، في حين أن “نور” الذي استشهد والده مع القائد يوسف العظمة، سلوكه جيد أخلاقياً، ويخسر كل شيء، ويسرق سامي منه كل الفرص سواء في العمل أم الحب، لأنه يضرب بعرض الحائط كل القيم ولا يكون من نصيب نور  سوى القهر والظلم والدخول للسجن بسبب تصرفات سامي. وجاء العرض على خلفية زمنية امتدت منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي لسورية وحتى يومنا هذا، مروراً بأحداث تاريخية مفصلية، ليقول العرض إن الخير والمكاسب والمناصب لهؤلاء الفاسدين. لكن الإشارة لذلك غير مقنعة درامياً فكيف لنور وسامي أن يظلا على قيد الحياة طوال تلك الفترة وبعز شبابهما؟! فلو أن الإعداد أعاد حكايتهما مع ولديهما أيضاً، لكان الإقناع حليفه، وهذه من سقطات الذهاب نحو الإيديولوجيا.
ثم إن الإعداد أو النص الأصل بنى شخصية نور من دون التفريق بين البساطة والإخلاص للوطن وللقيم الأخلاقية وبين السذاجة و”الغشمنة”، فجاءت الشخصية غير مقنعة وبالتالي كان خطاب المسرحية برمته غير مقنع. فنياً هذا النص أكبر بكثير من حجم قدرات مخرج يخوض تجربته الأولى ومع فريق تمثيل مبتدىء ولذلك أي تقصير من فريق التمثيل يتحمله المخرج رغم جهد الفريق الذي يعد بعض أفراده (إناثاً وذكوراً) بتقديم ما هو أفضل.
وقد اختتم العرض بلوحة كان يمكن أن تكون أجمل، فقد استفادت من تقنية المونتاج السينمائي لاستذكار وعرض الأحداث المفصلية التي مرت بها شخصية نور وآلت به إلى مستشفى المجانين.
أخيراً، إن كنا لم نعجب فكرياً بالعرض الذي قدّمه المخرج د. عجاج سليم للنص ذاته عام 2004 من إنتاج المسرح القومي بدمشق والذي شارك في فعاليات مهرجان حمص المسرحي في ذلك العام، وبخريجين من المعهد العالي للفنون المسرحية وهم: الراحل نضال سيجري، فادي صبيح، أمجد طعمة، أسيمة يوسف، سوسن ميخائيل، محمد حداقي، معتز ملاطيه لي، معتز أفغاني. رغم أننا استمتعنا به فنياً فقط، فهل يمكن أن يمتعنا عرض فريق عمل جديد على خشبة المسرح؟! عموماً نأمل أن نشاهد للمخرج خضور عملاً آخر وفق خيارات أكثر توفيقاً، ليمنحنا متعة فكرية وفنية في آن واحد.
بطاقة فنية للعرض: الممثلون (عز الدين عيسى، محمد عيسى، سعاد عبد الهادي، سومر مخول، نانسي شاروبي، ساندي شاروبي، أدهم حماد، كنان الكردي، سبيع دمناتي). الفنيون: مساعد مخرج: لؤي علاء الدين. أزياء: سمر إبراهيم. مكياج: بتول فندي. تصميم إضاءة: محمد الحسين. مدير المنصة طارق عباس. ديكور: ضياء السباعي. تحريك ديكور: طارق القش. الموسيقا: محمد رضى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار