رغم أنه مرفوض شرعاً وقانوناً.. “الاحتكار” سياسة معتمدة في الأسواق
قال عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق لـ«تشرين»: إن من أهم أسباب ظاهرة الاحتكار أنه عندما يرتفع السعر يفرض على البائع البيع بسعر محدد, فيقوم بإخفاء البضاعة، وبيّن الحلاق أنه لو كانت هناك مرونة في التسعير فلن يلجأ أحد إلى تخزين البضاعة, بل على العكس عندها يبيعونها ويقلبون البضاعة ويشترون منتجاً ثانياً ويتحرك السوق.
ورفض الحلاق فكرة الاحتكار وقال: إنها أمر مرفوض شرعاً وديناً وقانوناً، لكن المشكلة التي يقع فيها التجار, هو أنه عندما ترتفع الأسعار ونتيجة وجود بضائع قليلة يفكر البعض بتحقيق الربح..
وأضاف الحلاق: إن المشكلة بطريقة إدارة السوق وتكبيله ببعض التشريعات التي ليست لصالح عمله, والتي تتطلب خصوصية ومرونة، وإلا سيكون هناك كل يوم عقبة جديدة.
ويقول الحلاق: إنه لتجنب ما يحصل يجب ترك مجال أوسع لقطاع الأعمال لأنه يعرف ما يناسب السوق وما لا يناسبه.
وبيّن الحلاق أن التاجر كما تأتيه فرص ربح غير متوقعة كذلك تأتيه خسائر غير متوقعة في بعض الأحيان, وهذا قانون التجارة “ربح وخسارة” وأن السوق يعود للتوازن حال توافر السلع، رغم تأكيده على رفض سياسة الاحتكار.
وتشهد الأسواق السورية ظاهرة الاحتكار بشكل دائم عقب كل جديد، فقد قال لـ«تشرين» أحد تجار المفرق: إنه خلال جولته على محلات الجملة لشراء ” بناطيل” الجينز سمع الجواب ذاته وكأنهم اجتمعوا واتفقوا عليه: لا توجد بضاعة، وإن كل ما عرض عليه هي “ستوكات الموديلات”, وباستثناء ذلك لم يستطع الحصول على أي بضاعة لأنهم يريدون رفع سعرها بعد تحرك سعر الصرف.
كان الرجل في حالة غضب واستياء كبيرة من طريقة عمل الأسواق التي وصفها بالاحتكارية، ولأنهم أرغموه على التوقف عن العمل ريثما يقررون العودة عن قراراهم بالتوقف عن البيع.
هذا الوضع لا يقتصر على الألبسة أو الأحذية, بل يتعداها إلى كل المواد خاصة الغذائية منها، فاختفاء الزيت والسمنة كان منذ لحظة إعلان خبر الحرب الأوكرانية، وبالتأكيد لم تفرغ المستودعات من هذه المادة, وإنما تم احتكارها لتحقيق مزيد من الأرباح.
إلا الألبسة
أحد التجار الذي فضّل عدم ذكر اسمه رفض فكرة الحديث عن احتكار الألبسة، وقال: إن وجود هذا السلوك عند بعض التجار لا يعني أنها ظاهرة عامة، وأن ما ينطبق على المواد الغذائية لا ينطبق على الألبسة، وأن من بين تجارة الألبسة هناك الجينزات فقط تختلف قواعدها لأنها مستوردة، أما بيع الألبسة عموماً, فمحدود, وهناك موسمان فقط للألبسة، هما رحلة الصيف والشتاء، والتاجر يهمه البيع وليس إخفاء البضاعة.
بالمرصاد
أمين سر “جمعية حماية المستهلك”، عبد الرزاق حبزة، يؤكد حدوث ظاهرة شح المواد عقب كل خلل في سعر الصرف، وعدم الانسيابية في طرح المواد، وبيّن أن سيارات توزيع المواد عادت قبل إنهاء عمليات التوزيع عقب التصريحات الحكومية لمواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية.
وبيّن أن احتكار المواد لا يقتصر على تبدل سعر الصرف فقط، بل أيضاً يحصل في المناسبات، وعند الحاجة لبعض السلع, وهذا بقصد رفع سعرها, حيث تختفي السلعة لتعود وتظهر بسعر جديد.
وبيّن حبزة أن هذا ما يلمسونه بشكل دائم خلال جولاتهم على الأسواق المركزية والفرعية، حيث يستطلع التجار السوق, ومن ثم يعرضون المواد بشكل أقل من الطلب, كما حصل في موضوع الزيت بعد الأزمة الأوكرانية, رغم أنها ليست المصدر الوحيد للحصول على هذه المادة.
وأكد حبزة أن جمعية حماية المستهلك ترصد واقع الأسواق وتنقل ملاحظاتها, وبيّن أن الرقابة التموينية على الأسواق لا تغطي إلا جزءاً من حركة السوق.
وقال حبزة: إنه في مثل هذه الحالات يبرز دور مؤسسات التدخل الإيجابي في العمل على توفير المادة، لأنه في الأحوال الطبيعية لا تكون الحاجة ماسة لبيع المواد المتوافرة في السوق ضمن صالاتها.