إعادة تدوير الأحلام!!
يحلم المواطن وهو الذي لا يملك سوى أحلامه, أن يكون قادراً على شراء أبسط احتياجاته, وألّا تتحول يوميات حياته إلى مزيد من العوز, ويحلم أن تصدق الوعود والتطمينات أن كل شيء تحت السيطرة, ليكتشف في اللحظة ذاتها أن كلام التصريحات تمحوه لغة الأسواق وجشع التجار الذين وجدوها فرصة لزيادة أرباحهم على حساب جيوب الفقراء الذين أنهكتهم أسعار مواد وسلع تأخذ ما تبقى في جيوبهم في أيام قليلة من الشهر!!
لعلّ المفارقة أن وزارة التجارة الداخلية تحدد أسعار الكثير من السلع وبأسعار أعلى من السوق في كثير من الأحيان, ليعود التجار من جديد لرفع أسعارهم مرة ثانية, ضاربين عرض الحائط بكل ما يقال عن لوائح أسعار صادرة من الوزارة, وغير مبالين برقابة أو ضبوط, والمضحك المبكي، الطلب من المواطن العمل كمخبر عن المحال التي تبيع بأسعار مرتفعة, ولو فعل ذلك لقضى يومه بالتبليغ عن المحال والأسواق كلها وطبعاً من دون جدوى!!
باختصار؛ ما يجري حالياً غليان كبير في الأسواق, وعجز تام من قبل الناس عن تأمين أبسط متطلبات معيشتهم, وفوضى سعرية يمكن إثباتها من خلال تباين كبير وواضح بين المحال أو حتى حسب المناطق المتواجد فيها السوق, وكل ما يقال عن ضبط الانفلات السعري ووضع حدٍّ لتجار الأزمات لا يعدو كونه كلاماً في الهواء!!
أما ما يثير الغرابة فهو استمرار المناشدات لتحكيم ضمائر التجار للرأفة بأحوال الفقراء, والمراهنة على إمكانية تأثيرهم في السيطرة على الأسعار, والحقيقة أنهم فعلاً لهم القوة الضاربة في ذلك ولكن بارتفاع أسعار المواد وفرض ما يشاؤون وبما يخدم مصالحهم!
أخيراً نسأل: إلى متى سيبقى الفقراء يعزفون على وتر أحلامهم، وإلى متى سيبقون رهن تجار وقرارات تزيدهم فقراً ؟ أم إن إعادة تدوير الأحلام مستمرة إلى أجل غير مسمى؟!