تجسد التوجه شرقاً بتوقيع الصين وسورية مذكّرة تفاهم تتضمن انضمام سورية إلى مبادرة (الحزام والطريق) الصينية بتاريخ 12/1/2022 من قبل السيد رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور ( فادي خليل ) وسفير الصين في سورية السيد ( فينغ بياو ) ، ويأتي هذا بعد سنوات من بدء الحديث عن هذا الانضمام، والمبادرة الصينية ستربط الصين مع /68/ دولة من دول العالم ،وهي تطوير لمبادرة ( الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري) وبما يضمن انتقال السلع والخدمات والرساميل واليد العاملة لإيصال بضائعها بأسهل وأسرع طريقة ممكنة لجميع قارات العالم عبر طريقين بري وبحري مع التركيز على إنشاء بنية تحتية متطورة ، وهذا سيساعد في فتح آفاق كبيرة أمام الاقتصاد السوري وخاصة في مجال تفعيل العمل الاقتصادي والتجاري واليد العاملة والثقافي ورؤوس الأموال وستساهم في نقل الخبرات وتقديم المساعدات الصينية وخاصة في مجال تأمين التجهيزات والصناعة والطاقة ولا سيما الطاقات المتجددة، وسيساهم هذا في زيادة مساهمة الصين في إعادة الإعمار والبناء في سورية ، وسيكون للصين قاعدة متقدمة في منطقة شرق المتوسط وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط وسورية هي نهاية منطقة البحار ( المياه ) وبداية اليابسة (البر) ، وصلة وعقدة وصل بين قارات العالم الثلاث ( آسيا وإفريقيا وأوروبا ) ، وهذا سيعزز العلاقة بين سورية والصين ولاسيما أن خطة تطوير العلاقة بين البلدين ترسخت في سنة /2004/ خلال زيارة السيد الرئيس بشار الأسد وهي أول زيارة لرئيس سورية إلى الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام 1965، لكن الحرب على سورية أخّرت انضمامها الفعلي للمبادرة، بل ربما كان من أحد أسباب هذه الحرب هو رغبة سورية بالانضمام إلى هذه المبادرة وتشجيعها، ولذلك فقد وقفت الصين سياسياً واقتصادياً الى جانب الشعب السوري ، ومع توقيع هذه الاتفاقية فإن نتائجها الإيجابية ستنعكس على الشعبين والبلدين ، وكل هذا يؤكد أن سورية ستخرج إن شاء الله قريباً من أزمتها بإصرار شعبها ودعم حلفائها وأصدقائها ، ومن المعروف أن كل اقتصاديات دول العالم تتعرض لأزمات تنعكس مباشرة على كل مكونات المجتمع وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي ، وقد مرّ كل من البلدين بأزمات سابقة وكتب عنها فلاسفة وعلماء اقتصاد البلدين ، وركزوا على أن العبرة ليست في السقوط أو النهوض، وإنما كما قال الفيلسوف الصيني العظيم ( كونفوشيوس ) الذي ولد سنة /551/ قبل الميلاد بمقاطعة ( زو ) في الصين ، حيث قال [ ليست العظمة في ألا تسقط أبداً ، العظمة أن تنهض كلما سقطت] وهكذا بنت الصين سياستها الاقتصادية ، كما ركز عالمنا السوري الكبير ( تقي الدين المقريزي ) في القرن الثالث عشر وهو سوري لكنه سافر إلى مصر ومات فيها ، ومن أشهر كتبه ( إغاثة الأمة بكشف الغمّة ) وركز بكتاباته على عدد من المواضيع الاقتصادية المهمة مثل ( الاحتكار والتضخم والعملات الرديئة ) وهذه تصاحب عادة زمن الأوبئة والحروب ، ويمكن القول إنه سبق الكثير من علماء الاقتصاد مثل ( أدم سميث ودافيد ريكاردو وكارل ماركس ) في القرن الثامن عشر من خلال تركيزه على الصعوبات الاقتصادية ووضع الخطط والإجراءات لتجاوزها ، فهل نسعى لمعالجة هذه الأمراض الاقتصادية ،وها هو الاقتصاد الصيني ورغم أزمة الكورونا والحرب التجارية مع أمريكا وأزمة الطاقة إلا أنه حقق معجزة اقتصادية تجسدت في تحقيق نمو مستقر ، علماً أن رئيس البنك الدولي توقع تباطؤاً في النمو العالمي خلال العامين القادمين، وأكدت الهيئة الوطنية للإحصاء في الصين أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني ارتفع بنسبة أكبر من /8%/ ووصلت قيمة الناتج الإجمالي إلى أكثر من /114/ تريليون يوان بما يعادل /18/ تريليون دولار أمريكي ، علماً أنه وضع هدفاً لتحقيق معدل نمو لسنة /2021/ هو /6%/ ، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد إن (الصين دولة قوية ولها موقع كبير ومهم على الساحة الدولية وسورية تتطلع إلى توسيع مجالات التعاون معها على مختلف الصعد بالاستناد إلى حضورها القوي وسياساتها التي تخدم معظم دول وشعوب العالم) وكل هذا يدفعنا للقول إننا ننتظر تداعيات ونتائج إيجابية لهذه الاتفاقية المباركة والميمونة .