معرض الخريف السنوي..فعالية «رفع عتب» ينقصها الجمهور!

أجسادٌ مدفونة في تربةٍ ما، وحبالٌ لُفّت على الرقاب، ومدىً مفتوح من البؤس والفقد, هذا جزءٌ مما بدت عليه لوحاتٌ مُشارِكة في معرض الخريف السنوي المُقام حالياً في خان أسعد باشا في دمشق القديمة، وكأنها أدركت مُسبقاً حصتها من اللاجدوى, نحن أيضاً، كنا نعرف أن الازدحام في الأسواق المُحيطة بالمكان، لا يعني جمهوراً كبيراً من المتفرجين، لكن العدد القليل جداً من الزوار، في يوم عطلة رسمية وبعد ثلاثة أيام فقط على الافتتاح، كان مفاجأةً قاسية رغم توقعها، وضعتنا أمام التساؤلات ذاتها مجدداً، كأنّ الفعاليات الثقافية، تحديداً الموسمية منها، باتت تُقام على مبدأ «رفع العتب»، قيمتها تكمن في مجرّد إقامتها، لا في الإقبال عليها والتفاعل معها، بالفرجة والبحث والحوار.
تقييم التشكيل كـ«فنٍ نخبوي» وصعوبة فهم الأعمال الفنية، سببان رئيسان يُبرران عادةً ابتعاد الجمهور في أغلبيته عن حضور المعارض الفردية والجماعية على حدٍ سواء، ولا يُمكن حكماً الإلقاء بالتبعات والنتائج على جهة واحدة، لكن هذا لا يعني بالمقابل، التعاطي مع الأمر كما لو أنه غير قابل للتغيير أو المحاولة على الأقل، لماذا لا يتغيّر مثلاً شكل الافتتاح المتعارف عليه ليضم موسيقيين أو شعراء، بحيث تتكامل مشاركتهم مع الأعمال المعروضة وتجذب في الوقت نفسه جمهوراً متعدد الاهتمامات، ألا تستحق 106 لوحات مُشاركة الدعاية والترويج بالشكل المُتاح والسهل حالياً بعرض نماذج منها والتعريف بأصحابها عبر منصات التواصل الاجتماعي، وإن كان بعضهم يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة إلا أن هناك أعداداً من المغمورين؟.
يقول البعض اتهاماً: إن ما يُكتب عن التشكيل يقوم بمهمة الشرح والتفسير، وهو ما لجأت إليه أيضاً برامج ثقافية، استضافت فنانين وحاورتهم في مُنتجهم وتجاربهم بأبسط ما يُمكن من مفردات وتعابير، ولعلّ هذا ما يحتاجه النشاط التشكيلي، حوارٌ قصير مع أي فنان أو استعادة لسيرة فنان راحل، على شكل فيديو يسهل وصوله إلى الجمهور، دعوة ضمنية إن صح التعبير «للفرجة» ولو على سبيل التسلية، ففي أي نشاط لا يمكن القبول بغياب الجمهور، وكأنه إضافة لا بأس في الاستغناء عنها، فكيف بمعرض يوازي حصيلة إبداعية سنوية؟!.

تصوير: طارق الحسنية

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار