الانتظار هو الخيار

من المؤكد أن صعوبة وقساوة حياتنا المختلطة بين الألم والحاجة والفاقة، بين التوفر وإن ندر وبين الفقدان الذي نجمت عنه تركيبة عجيبة من منعكسات الحرب القذرة المتنوعة والتي بلغت ذروة قساوتها وصعوبتها بالإرهاب الاقتصادي الأبعد ما يكون عن الشرعية والقانون والإنسانية، قد أرست سوداويتها على أغلبية المواطنين الذين أعطوا دروساً بالصبر والتكيف وعدم الولوج باليأس والقنوط والانهزام، وكانوا سنداً وعوناً للجيش الذي هزم أشرس إرهاب عرفته البشرية، ولكن طول الحرب وتبديل الخطط وتزاوجها مع ثغرات وخيارات قاسية أوصلت الكثيرين إلى قمم من اليأس والانهزام، وكيف لا، وما يمر من ظروف على حياتهم لم يكن في أقسى المواجهات، ولم نكن قد أحطنا بها وجزأناها وهزمناها، ولم تكن الواقعية قد نشرت سيولها في شرايين شعب صقلته الحياة والحضارة والتجربة وغذّته الإنجازات، ولكن ما يمر علينا من انعكاسات نتيجة رؤى يراها الشعب قاسية وظالمة ويراهن متخذوها على صوابيتها وأن لواحقها ستجلب العدالة والمساواة، وأن اللجوء إليها خيار لكثرة الحاجات وقلة أو ندرة الموارد، وتالياً تهذيب الاستهلاك وجدولته، هو مسار صحيح، وإن كان سيؤدي إلى معاناة بكامل أبعادها نفسية واجتماعية وجسدية، وهو ما نجده من تقنين كهرباء هائل لتصل ساعات الوصل في بعض المحافظات ما بين ٣ أو أربع ساعات فقط طوال اليوم، وكذلك خوفاً من تطبيق ما سمي إيصال الدعم إلى مستحقيه لتتحول المقننات عبر البطاقة الذكية إلى رعب ووجل وامتعاض بعدما سربت نيات سحب الدعم من “غير مستحقيه” وفق شرائح ومنها من يملك سيارة، التي كانت هناك تسهيلات تسويقية للموظفين قبل الحرب لاقتنائها، وهذا السلوك الذي كان محط نقدنا وانتقادنا، ومن يملك منزلاً في الريف إضافة لمنزله، والمحامي والطبيب والمهندس والتاجر ووو..، الأمر الذي أحبط وحطّم وجعل هذا الموضوع مسار نقد ورفض من أغلبية المواطنين ومنهم مسؤولون وممن خدموا الوطن وليستمر الحوار والاختلاف عبر وسائل التواصل، وليستمر أيضاً هبوط المعنويات وضعف المناعة النفسية ولتظهر ازدحامات جديدة أمام «الهجرة والجوازات»، وكانت ازدحامات مستهجنة ومنبوذة في فترات، ولكنها أضحت مسار غيرةٍ وحسد وطوق نجاة للأغلبية بالسر والعلن, ويستمر المسلسل المتجدد ما بين بث شائعات تصبح واقعاً وامتعاضات متألمة مؤلمة وسط استمرار الفجوة بين المواطن وأغلبية المسؤولين الذين لا يستطيعون الصمت ولو كانت تصريحاتهم مزلزلة ومحبطة للأمل، وليكون البدء بالتسجيل على المقننات، التي لا تسد إلا رمقاً قليلاً، إنجازاً يملأ وسائل التواصل ويتناقله «البواقون»، ومع كل إعلان معاناة، حيث لكل مادة طقسها الإلكتروني وعذاب التسجيل وحتى الإنترنت يصيح قننوني، ولينتقل المواطن المغلوب على أمره من مرارة إلى أخرى ومن معاناة إلى أخرى, وليكون الامتعاض هو العنوان لمن يستحق الدعم، وللأغلبية التي لم يشملها توسيع شرائح الطبقة الجديدة، ويتزامن هذا مع ضرائب جديدة صُرح عنها باحتساب المحامين والمهندسين والأطباء شريحة تجار ليكون فرض الضرائب على أساسها ولتزيد البلبلة وسط شائعات عن إغلاق مكاتب هندسية في محافظات كثيرة خوفاً من إجراءات كهذه، وسط هذه الضبابية ما زال كثر يتسلحون بالأمل ليعم ما يناسب البلد من عمل مخطط مدروس محسوب النتائج ويهزم هذه الأساليب من التصريحات والأعمال التجريبية التي تجاوزت القرارات التجريبية التي تتخذ، ويكون هناك استعداد لتصويبها وإصلاح منعكساتها السلبية.
أما ما يصدر عن بعض المؤسسات الحكومية لم ينجم عنه سوى حوار «الطرشان»، وزيادة المآسي في ظل أجواء من الإجراءات الاقتصادية من حصار وعقوبات ودمار وإرهاب، دائماً وسط ضجيج رهيب وغير محسوب النتائج.
ما يهمنا هو أن الكل يرى ويسمع ويقرأ النتائج لما يفرض، ورغم قساوة المعاناة فلم يزل الأمل موجوداً عبر الانتظار بالتأمل ببرنامج متكامل ينطلق من الواقع ويصوب الخطوات ويردم الفجوات.. فمادامت هناك ثغرات سيبقى ويزداد الأمل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
ميداليتان فضّيتان وبرونزية لسورية في الأولمبياد العالمي للكيمياء ينسجم مع تاريخ الصهيونية في انتهاك الحرمات.. وزير الأوقاف: الإساءة للسيد المسيح في حفل افتتاح أولمبياد باريس هي إساءة لكل الأنبياء والمعتقدات الأمين العام المساعد لحزب البعث : أبناء قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية، كانوا وسيبقون رجال المواقف الأشداء الذين يقهرون الاحتلال الرئيس بزشكيان للوفد السوري المشارك في مراسم تنصيبه: أهمية التركيز على تطوير العلاقات في كل المجالات والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات السياسية اتفاقية تعاون بين اتحادي الجمعيات الخيرية في دمشق وريفها وحلب.. الوزير المنجد: نسعى إلى تعزيز مبدأ التشاركية مع المنظمات غير الحكومية وبناء قاعدة معرفية أهلنا في الجولان يرفضون المواقف التحريضية ومحاولة استغلال اسم مجدل شمس كمنبر سياسي على حساب دماء الأطفال سورية تحيي الموقف البطولي لأهلنا في الجولان المحتل ورفضهم زيارة مجرمي الاحتلال وآخرهم نتنياهو لمجدل شمس وفد سورية برئاسة المهندس عرنوس يصل طهران للمشاركة في مراسم تنصيب بزشكيان مجلس الشعب يدين الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أهالي مجدل شمس مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 ينطلق في دمشق.. نحو "اقتصاد وطني قائم على المعرفة" و استدراك مدروس للفجوات  التنموية