الإدارة بـ«الشللية»
تسود بعض المديريات ظاهرة «الشللية» المضبوطة على توليفة تتناغم مع المدير بشكل لا نشاز فيه أبداً، فلا تناقش ولا تبدي أي رأي بقرار أو شأن يخص مجريات العمل.. والكل ضمنها يعزف نغمة «أمرك مولاي وجب التنفيذ».. حتى لو كان ذلك بغير مصلحة العمل أو يتناقض مع الأنظمة والقوانين النافذة.
الحالة قد تتكرر عند إنهاء بعض المديرين وتكليف آخرين، حيث يبدأ الجديد بـ”تسونامي” تغييرات تقلب المديرية رأساً على عقب لتنظيم توليفة أخرى تطربه، ما يبعث الكثير من إشارات الاستفهام حول ما يحدث.. وكأننا نفتقد إلى كل شيء اسمه عمل مؤسساتي.
يرى البعض فيما يحدث من اختيار بدلاء على رأس بعض المفاصل أنه يعطي الفرصة لكفاءات أخرى مهمشة، كما أنه ضرورة لتقويم طاقم العمل واختيار فريق يتشارك مع المدير الجديد عبء المسؤولية والإسهام بتحسين مستوى الأداء والنهوض بواقع العمل.
فيما يعدّ آخرون أن هذه الحالة غير صحية، وتأتي تحت عنوان “الشللية” المنتشرة في بعض الجهات، حيث إن المدير يرى من الضرورة إنهاء “الشلة” المرتبطة بالمدير السابق والمحسوبة عليه، لاعتقاده أنها قد تواصل الولاء له ولا تستقيم معه فيفشل.. لكن السؤال هنا: هل فريق العمل الجديد أفضل، وهل سيكون بمنأى عن مشابهة “الشللية” التي كانت مع المدير السابق بكل ما يشوبها من سلبيات مبنية على المكاسب والمصالح الشخصية المتداخلة ؟..
المشكلة الأكبر أن من تم إنهاء تكليفهم لن يأخذوا الأمر على أنه لمصلحة العمل، وستصبح لدى معظمهم ردة فعل تتمثل بالسعي لتصيد والتقاط أخطاء وزلات التوليفة الجديدة بشكل يعمم الأجواء الملغومة في محيطها، مع زخ سهام الشكاوى عليها من كل الاتجاهات لإرباكها وإضعاف قدرتها على اتخاذ القرارات بهدف إفشالها.
الأكثر مظلومية ضمن هذه “المعمعة” هم أصحاب الكفاءة والقِدم الذين يُبعدون بالرغم من أنهم خارج شبكة “الشللية” وينطلقون في تأدية دورهم الوظيفي من باب الواجب لا الولاءات الشخصية.
بالمجمل ينبغي أن يسود نهج العمل المؤسساتي وتفكيك مفهوم “الشللية” من خلال تعزيز ثقافة الولاء للجهة التي يعمل فيها الموظف لا الأشخاص القائمون عليها، واعتماد معايير الكفاءة والخبرة للتعيين في أي من المفاصل، مع أهمية إعلان المبررات المنطقية المقنعة لأي تغييرات لتفادي ردات الفعل وانعكاساتها السلبية على حسن سير العمل.