من يتذكر ثمانينيات القرن الماضي، ومن يتذكر حال السوريين في تلك الأثناء، ومن يتذكر أيضاً حجم «النكت» والفكاهة التي كانت تُقال لفقدان أغلبية المواد من السوق؟!
حينها، وبعد حصار خانق كدنا نخسر الرغيف، وكاد الجوع يطبق على الأغلبية العظمى من الناس، إذ كادت الأفران تتوقف عن الإنتاج، والطوابير كادت أن تكون في مكان آخر.. المقابر مثلاً.
في تلك الأثناء كادت تختفي كل المواد الأساسية وغير الأساسية، حتى المحارم كادت تختفي.. ذلك الحصار اللعين، هو من فتّق عقل السوريين لبداية جديدة.. حينما طرح القائد المؤسس شعار الاكتفاء الذاتي، حمل الفلاح السوري أولاً معوله وبدأ يكابد الأيام.. والصخور، فكان أن وفرت الزراعة كل الأساسيات التي تحتاجها بلادنا من القمح والخضار ولاحقاً الفواكه.. في بداية التسعينيات توقفت سورية عن استيراد القمح، وفي نهاية عقد التسعينيات كانت الجهات المعنية تخزّن القمح في العراء، فقد كان الإنتاج أكبر من طاقة تخزين الصوامع والصويمعات، وكان إنتاج القطن والشوندر السكري يفوق التوقعات.
بعد صدور قانون الاستثمار في أوائل التسعينيات، بدأت تتوضح معالم سورية الجديدة.. فقد بدأت معامل الغزل والنسيج مثلاً، والصناعات الزراعية التي كانت رديفاً حقيقياً للصناعات الحكومية.. معامل الدواء التي وفرت 97 بالمئة من حاجة سورية للدواء، إضافة إلى تصديره لأكثر من ثلاثين دولة.
وقد لا يتسع المكان لتعداد ما تم إنجازه من منتصف الثمانينيات.. إلى «الثورة» المشؤومة.
اليوم نحن على أعتاب مرحلة قد نتفوق فيها على أنفسنا وعلى الاكتفاء الذاتي.. مرحلة يدفعنا فيها الأمل في بناء سورية المعافاة، القوية القادرة بالعمل، الذي يقودنا إلى بناء بلدنا في كل المجالات. نعم لا أمل لنا إلا بالعمل، أن تتعاون مؤسسات الدولة مع الفلاح والصناعي والعامل حتى يكتمل البنيان.