ملاحم بطولية خالدة نستذكرها بعيد الجلاء

مثلما استطاع السوريون أن يدحروا المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن، وأن يمرغوا أنفه بالتراب وأن يصنعوا بدمائهم الطاهرة مجد النصر والجلاء، الذي سطعت شمسه في السابع عشر من نيسان عام ١٩٤٦
ها هم اليوم بواسل الجيش العربي السوري أحفاد صانعي الاستقلال سطروا وما زالوا يسطرون على أرض سورية الطاهرة أروع ملاحم البطولة والفداء في تصديهم للعصابات الإرهابية المسلحة المدعومة والممولة من الخارج ليضيفوا إلى سجل انتصارات الآباء والأجداد السابقة انتصاراً جديداً، فتطل علينا شمس ذكرى عيد الجلاء لتفرض علينا حضورها أكثر من أي وقت مضى ولاسيما في ظل الانتصارات البطولية التي حققها الجيش العربي السوري على أعداء الوطن والإنسانية، فما أحوجنا اليوم لكي نستحضر روح الجلاء وإحياء قيمه ومعانيه، فالدفاع عن حدود الوطن وتقديم الأرواح رخيصة كرمى لعيون سورية ليس وليد اليوم فروح المقاومة والاستبسال التي ولدت في أجساد آبائنا وأجدادنا ها هي تعود لتحيا من جديد بروح الأبناء والأحفاد وليقولوا للعالم أجمع إن طريق الشهادة مطلب متوارث جيلاً بعد جيل وها هم ميامين الجيش العربي السوري يسيرون على الدرب الذي سلكه آباؤهم وأجدادهم.
وفي هذه المناسبة الغالية على قلوبنا لابد لنا من أن نستذكر بعضاً من الملاحم البطولية الخالدة التي دونها المؤرخون..
إذ يقول المؤرخ محمد طربية لـ(تشرين): بداية المعارك في جبل العرب كانت معركة الكفر بقيادة المجاهد الكبير سلطان الأطرش والتي انطلقت شرارتها الأولى عندما قامت القوات الفرنسية بتاريخ 20/7/1925 بتجهيز حملة عسكرية يبلغ قوامها نحو ٢٠٠ جندي وضابط مجهزين بأحدث أنواع الأسلحة حينها، وهذه الحملة الاستعمارية هدفها دخول مدينة السويداء واحتلالها إذ تمركز جنود الاستعمار الفرنسي عند نبع الكفر، وقد علم الثوار بقدوم هذه الحملة العدوانية فقاموا بإرسال رسول من بلدة الكفر، لينذر الجنود بالانسحاب، لكن قائد الحملة نورمان لم يستجب لمطلب الثوار وقال للرسول: اذهب وقل لسلطان الأطرش إننا بانتظاره وبعد أن وصل رد قائد الحملة الفرنسية إلى سلطان الأطرش عندها قرر الثوار مهاجمة الحملة الفرنسية حيث كانت خطة سلطان باشا تقسيم الثوار إلى ثلاث مفارز: مفرزة مشاة- ومفرزتا فرسان، حيث تم تحديد مهمة مفرزة المشاة بالاقتراب ما أمكن من الناحية الجنوبية الغربية للمعسكر.. بينما أعطيت الأوامر لمفرزتي الفرسان لمهاجمة المخيم من الشمال الشرقي وفعلاً عند الساعة الثانية من بعد ظهر 21/7/1925 انقض الثوار على الحملة ودارت معركة كبيرة بين الثوار من جهة والقوات الفرنسية من جهة أخرى، حيث لم تدم هذه المعركة أكثر من نصف ساعة استطاع من خلالها الثوار إبادة الحملة بأكملها وقد سقط قائدها نورمان على أيدي الثوار ولم ينج من الحملة سوى 5 جنود، وقد قدم الثوار في هذه المعركة حوالي 54 شهيداً.
وأضاف طربية: بعد الانتصار الأسطوري الذي حققه الثوار في معركة الكفر كانت معركة المزرعة هذه المعركة التي قال عنها الجنرال الفرنسي أندريا في حينها إنها كانت كارثة للفرنسيين.
الانتصار البطولي الذي حققه الثوار في معركة الكفر دفع قوات الاستعمار الفرنسي لتجهيز حملة استعمارية أخرى بقيادة الجنرال ميشو لاحتلال مدينة السويداء وفك الحصار عن الحامية الفرنسية المحاصرة من الثوار في قلعة السويداء، وقد بدأت هذه الحملة بالتقدم نحو مدينة السويداء من جهة الغرب، إذ وقعت في البداية اشتباكات ما بين الجنود الفرنسيين المدججين بالمدفعية والأسلحة الرشاشة والثوار الذين لا يملكون سوى بعض البنادق والبلطات والأسلحة البيضاء، حيث تم استدراج الثوار إلى كمين أعده لهم الجنرال ميشو حيث استشهد في وقتها العشرات من أبناء جبل العرب ما دفع بالمناضلين للانسحاب والتمركز عند نبع المزرعة ليتابع الجنرال ميشو السير إلى النبع فاصلاً بين مقدمة حملته ومؤخرتها، إذ استغل الثوار هذه الفرصة وقاموا بالانقضاض على مؤخرة الحملة وفي الثالث من آب عام 1925 زحف الثوار بقيادة سلطان الأطرش واستطاعوا الوصول إلى نبع المزرعة، حيث قاموا بتطويق الحملة الفرنسية ومن ثم قاموا بمهاجمة الجنود الفرنسيين وبدأت معركة حامية وقوية إذ التحم فيها الثوار مع الجنود الفرنسيين بالسلاح الأبيض واستطاعوا بعزيمتهم القوية إبطال مفعول المدفعية والدبابات حيث استطاعوا تقطيع أوصال الغزاة وتكبيدهم خسائر فادحة ولاسيما بعد أن اندثرت الحملة وتبعثرت أشلاء جنودها هنا وهناك، ودمرت آلياتها الثقيلة، وتؤكد المصادر والكتب المؤرخة لهذه المعركة أن الثوار تمكنوا من قتل ما يقارب 3000 جندي فرنسي وأسر 125 جندياً بينما قدم الثوار حوالي 250 شهيداً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار