من صالون الحلاقة إلى الصّالون الأدبيّ ..!!

دأبت هذه السّيدة أو المهتمة بالشّأن الثّقافي, كما تعرّف عن نفسها. على حضور معظم النّشاطات التي تقيمها المؤسسات الثّقافية في هذه المدينة الواسعة في الدّقائق الأخيرة منها, والتعّرف إلى كلّ شخص تقابله أو يصادف جلوسه إلى جوارها أو مكانها المحدد دائماً؛ قرب مأخذ الكهرباء لشحن هاتفها الجوّال الذي يستنجد دائماً ويلفظ أنفاسه الأخيرة، وتستعيض عنه لاحقاً بهمز ولمز لا يضلّان طريقهما إلى من يجلس أمامها أو خلفها بمن فيهم تلك التي تشبهها في تمسيد شعرها بالدّقيقة الواحدة عشرات مرّات وتنقيله من ميلة إلى أخرى مع انتقالها من شطر إلى آخر، ومن بيت شعر إلى آخر، وكأنّها تسمع الشِّعر أو«تقرضه» من شعرها، أمّا الواقفة على المنبر فلها الله وبعض المهتمين بالفعل!!.
لا يذكّرني هذا المشهد إلّا بصالون حلاقة وتجميل السيّدات حيث تجلس زبونة على كرسي لتصفّف شعرها، وعدد من السيّدات ينتظرن دورهن، تتهافت أحاديث المهتمة بالشأن الثّقافي وصديقتها الشّاعرة إلى مسمعي فأعرف ماذا طبختا؟ وأي لون صبغتا؟ وأين ذهبتا ومن كلّمتا؟، ثمّ تنتقلان إلى تعيسة الحظّ ويقلّبنها في مقلاتهما على نارٍ هادئة؛ يضفن لها مالذّ وطاب من منكّهات, وربّما يشطّ بهما الملل إلى حرقها أو التّصفيق لنزولها عن المنبر, وتسليمه لصديقة لهمان ما يفرض عليهما الصّمت من واجب الصّداقة, ربّما لا أكثر، فالإنصات لشاعر أو شاعرة بات أمراً شخصياً بحتاً لدى البعض، ومثل هاتين السيدتين هناك من لا يصغي إلّا لصديقه أو صديقته، وفيما عدا ذلك لا ينال حظه من الإنصات إلا في حالة واحدة؛ وجود مهتمين حقيقيين يسمعون، ويصغون ويراقبون ويقدرون التّعب، ويقدمون آراء، وينتشون حقاً بشعر يلامس شغاف القلوب والعقول.
أمّا بالحديث عن الجنس الّلطيف الآخر وأقول الّلطيف أيضاً – تحبباً لا إنقاصاً – لأنّ بين الشّعراء من هو مرهف الإحساس شعراً وواقعاً، ولو جزلت كلماته وصوره ومفرداته, وبينهم أيضاً من يقضي وقتاً طويلاً في صالون الحلاقة قبل ذهابه إلى الصّالون الأدبي شأنه شأن سالفات الذّكر، يميل مع ميل شعورهن ويقهقه مع ضحكاتهن ويشاركهن الـ«فصفصة» بل ويزيد ما اشتهى ورغب.
ما يحدث في بعض الأمسيات الثّقافية أو الصّالونات الأدبية- إن صحّت التّسمية اليوم كما صحّت في السّابق باعتبار أنّ ما يميّز الأمسيات عن الصّالونات؛ هي الصّفة الرّسمية التي تتخذها- لا يدلّ على احترام بعض الشّعراء لذواتهم أو لبعضهم البعض ولا للشّعر حتّى، ولن نبالغ إن قلنا ولا يدلل على أثرها الفاعل في الحركة الثّقافية عموماً والشّعرية خصوصاً باعتبار أنّ الهدف منها؛ هو التّعرّف على التّجارب الشعرية, وتطوّرها والنّهل منها وتبادل الآراء والخبرات، وأعود وأقول البعض منها ولا نريدها أن تستمر في الازدياد، بل نريدها أن تتراجع لمصلحة أمسية أو لقاء أدبي يقول فيه شاعر كبير للشاعرٍ لشاب: «الله عليك» أو يشيد الشّعراء الشّباب بتجارب بعضهم البعض، لا أن يكون الرأي محكوماً بمواسم التّفاح أو الرّمان.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
"عقارب الصافي" ومعاناة مزمنة مع مياه الشرب.. الدور كل شهر مرة و لنصف ساعة فقط..وشراء المياه أرهق الأهالي في دورته الأولى.. فيلمان سوريان في مهرجان الفيوم السينمائي صناعة محتوى منافس خاص بقضايا الطفولة والأسرة في ورشة عمل لصحفيي حمص عدد من سكان أحياء القامشلي بلا مياه السفير الضحّاك: عجز مجلس الأمن عن النهوض بمسؤولياته شجع الاحتلال على مواصلة اعتداءاته صباغ يبحث مع قاليباف تعزيز العلاقات الثنائية بين سورية وإيران بسبب عطل بجوار سد الفرات.. انقطاع التيار الكهربائي عن الحسكة أولى جلسات الحوار "التمويني" تنطلق في اللاذقية  والعين على قوانين عصرية تسهّل التعامل بين المواطن والتاجر الجلالي يترأس اجتماعاً للجنة الاقتصادية لبحث واقع الشركات المساهمة والصعوبات التي تعترض مسار إحداثها وتشغيلها مجلس الشعب يقر مشروع قانون تعيين الخريجين الأوائل ببعض الكليات في وزارة التربية ويمنح ‏الإذن بالملاحقة القضائية لثلاثة من أعضائه