أيُّ إنصاف؟

لم نفهم مسألة أن تطالب الأمم المتحدة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإنصاف معتقلي غوانتانامو الذين أطلقت عليها وصف «ضحايا التعذيب في غوانتانامو»، وذلك بعد أن أعلنت هذه الإدارة مؤخراً نيتها إغلاق المعتقل الشهير الذي استحدثته عام 2002 في قاعدة أميركية في خليج غوانتانامو- كوبا، وزجت فيه مئات الأشخاص ممن اتهمتهم بالإرهاب في أعقاب هجمات 11 أيلول 2001 ومن دون محاكمات.. وهو ما أثار ولا يزال الكثير من الغضب والاتهامات للولايات المتحدة باعتباره وصمة عار على جبينها.

اليوم لم يبق في غوانتانامو سوى 41 معتقلاً، ومنذ إدارة أوباما مروراً بإدارة ترامب واليوم إدارة بايدن.. كلها وعدت بإغلاقه، لكن الوعد لم ينفذ.

هذا ليس دفاعاً عن الإرهاب أو الإرهابيين، أو القول إن المعتقل ليس فيه أبرياء يستحقون الإنصاف، علماً أننا لم نسمع من الأمم المتحدة طيلة العقدين الماضيين صوتاً يدعو لإنصاف معتقلي غوانتانامو.

وعلى فرض أننا سنعتبر هؤلاء إرهابيين كما تعتبرهم الولايات المتحدة، فكيف للأمم المتحدة أن تطالب بإنصافهم؟.. هل اكتشفت فجأة أنهم أبرياء يستحقون الإنصاف وهم الذين تعرضوا -باعتراف المسؤولين الأميركيين أنفسهم- إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، بل كان هناك تفنن في عمليات التعذيب حتى باتت تُدرس في المؤسسات العسكرية الأميركية، ليس لإلغائها أو إدانتها، بل للتعلم منها وممارستها والإضافة عليها.

هل تعتبر الأمم المتحدة أن هؤلاء المعتقلين تعرضوا لأنواع تعذيب تفوق بأضعاف مضاعفة ذنبهم، وبات من الضروري إنصافهم، ولكن كيف؟.. بإغلاق غوانتانامو مثلاً ونقل معتقليه إلى سجون أخرى، أم إطلاق سراحهم، أم بالتعويض عليهم مادياً؟

هل يكفي إغلاق غوانتانامو حتى تُمحى وصمة عاره عن جبين الولايات المتحدة، وإذا كانت واشنطن تنوي إغلاقه على الأرض، فكيف يمكن لها إغلاق صفحات التاريخ التي وثقته ضمن تاريخ أميركا الإنساني الأسود؟

ويبقى سؤال.. لماذا لم تطالب الأمم المتحدة بإنصاف ضحايا التعذيب في معتقل أبو غريب العراقي الذين حفرت صور التعذيب والتنكيل بهم عميقاً في الوجدان الإنساني حول العالم، وهم الذين زُجوا في هذا المعتقل عشوائياً، لا على التعيين (وهذا أيضاً باعتراف مسؤولين أميركيين) وبهدف واحد فقط أن يكونوا في موقع ترويع وترهيب للشعب العراقي، حتى إن تسريب صور التعذيب من داخله كان متعمداً ويصب في هذا الهدف.. لنتذكر أن الحرب على العراق قامت أساساً على مبدأ «الصدمة والترويع» وفق مبادئ «مدرسة شيكاغو».

لسنا ضد أن تطالب الأمم المتحدة بالإنصاف، ولكن ليكون هناك بعض العدل في هذه المطالبة، فتشمل منطقتنا أيضاً التي ما تزال تعاني الويلات جراء سياسة الولايات المتحدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قراراً يطالب “إسرائيل” بإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية مجلس الشعب يستأنف أعمال ورشة العمل.. أهمية التركيز على بناء الإنسان ومتابعة نتائج وآثار تطبيق القوانين مناقشة آفاق التعاون التربوي السوري الباكستاني.. جهاز مرن يحول حرارة الجسم إلى طاقة كهربائية ‏ أخطر مضاعفات التهاب اللوزتين المزمن الخارجية: ما يسمى الصندوق الوطني الأمريكي للديمقراطية يعمل تحت غطاء الديمقراطية ‏الكاذب على تقويض سلطات الدول والتدخل في شؤونها «غوغل» تحذف حسابات ‏Gmail‏.. كيف يمكنك الاحتفاظ بحسابك؟ في الجلسة الختامية لمجلس محافظة دمشق.. مطالب بإلغاء صالات السورية للتجارة لضعف دورها.. واعتراض على رفع تعرفة المعاينات الطبية إنتاجنا من البيض واللحوم يكفي أسواقنا المحلية.. سعد الدين: إنتاجنا الوفير من الذرة الصفراء لهذا الموسم عامل استقرار لقطاع الدواجن العدوان السيبراني الإسرائيلي «تفجيرات البيجر».. المنطقة تعود إلى طريق الحرب الموسعة ‏على قاعدة توقع كل شيء وأي شيء..