تناقض أوروبي

العقوبات هي ديدن السياسات الأمريكية- الغربية، فليس أفضل من العقوبات بالنسبة للغرب لتحقيق مكاسب غير محققة من قبل، بغض النظر عما يمكن أن تخلفه تلك العقوبات من سلبيات تمس الشعوب في لقمة عيشها، لأن المتضرر هو الشعوب المفروض على دولها العقوبات والحصار، خلافاً لأكاذيب الغرب، وأمام تضرر الشعوب تسقط “الإنسانية” الغربية المزعومة ونجد ازدواجية المعايير في أقبح صورها.
أمريكا تفرض حظراً على 18 مصرفاً إيرانياً، والاتحاد الأوروبي يقرر بناء على اقتراح ألماني- فرنسي فرض عقوبات على روسيا على خلفية قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، في مؤشر واضح على أن الغرب والأمريكي فقدوا كل الوسائل والإمكانات المتاحة التي بين أيديهم في المواجهة وليس أمامهم سوى اتباع أسلوب “الضغوط القصوى”، كما يسمونها.
اللافت في سياسة العقوبات أنها دائماً تأتي من دون أي دليل مُثبت يستدعي فرضها، والحاصل أنه يتم تلقف أي حادثة مهما بدت صغيرة ويُصنع منها “حدث” ثم يُضخم ويدخل في سياق التجاذبات، وصولاً إلى “اختراع” المبررات والمسوغات لفرض العقوبات، تماماً كما في “قضية” نافالني وغيرها.
اللافت أيضاً في العقوبات الغربية على روسيا الآن هو مدى الضياع الأوروبي، أو بمعنى أدق مدى التناقض واللعب على المتناقضات، فأوروبا ولاسيما ألمانيا معنية بدرجة كبيرة بالتوافق مع روسيا وكسب ودّها للاستفادة من مشاريع الغاز الروسية، بينما نراها تفرض عقوبات على روسيا وبكل تأكيد كُرمى للعين الأمريكية، ثم لتعود وتقول إن حادثة نافالني لا تغير مصلحتنا الأساسية في العلاقات الجيدة أو المعقولة على الأقل مع روسيا، وهنا ينكشف الخداع، فالغرب ليس على قناعة بتسميم روسيا لنافالني لكن أمريكا تكمن في التفاصيل!.
الحظر الأمريكي الأخير على إيران استهدف المصارف التي تتولى مهمة تحويل الموارد لشراء الدواء والغذاء، وهكذا نجد أن المستهدف الشعب ليس لشيء سوى إثارة القلاقل والاضطرابات في الداخل الإيراني وتأليب الشعب على حكومته والدعوة للتغيير، فهذه كانت السياسة الأمريكية المتبعة في جميع الأزمات التي ضربت المنطقة.
على العموم، رغم قساوة العقوبات وتداعياتها السلبية، فإنها لم تؤت أكلها لذلك تتبادل كل من أمريكا وأوروبا الأدوار، فإذا فشلت أمريكا فالمأمول أن “تنجح” أوروبا وبالعكس.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار