الفينيق السوري

بعد خسائر فادحة وكارثية تم إخماد الحرائق التي انطلقت منذ أيام في معظم مناطق محافظة اللاذقية، و التي شارك في إخمادها كل من الجهات العسكرية وفرق الإطفاء من الزراعة والحراج والدفاع المدني وبتعاون فعّال من الفعاليات الأهلية والمجتمعية والحزبية، وهؤلاء جميعهم يستحقون فعلاً أوسمة بطولية لما قدموه.

هناك افتراضات واحتمالات عديدة للحرائق، و في ظل هذا الكمّ الهائل من الحرائق التي انطلقت في وقت واحد في الساحل السوري، الافتراض الذي يوجه إصبع الاتهام للماس الكهربائي وكذلك تحميل الفلاحين الجزء الأكبر من المسؤولية هو افتراض ضعيف و ساذج وغير منطقي ، فمن غير المعقول أن يتسبب الفلاحون بهذا الكمّ من الحرائق، وهم الذين يحمون أشجارهم ومزروعاتهم كما يحمون أطفالهم وربما أكثر. لا ننكر أنه قد يكون هناك بعض الأخطاء لكن بنسبة قليلة جداً ،في حين أن الافتراضات التي تؤكد أن هذه الحرائق مفتعلة احتمال كبير بل هو الأقوى، ،وهناك بعض المشاهدات التي تؤكد الاحتمال، وتورط أي شخص يرقى إلى مستوى الخيانة، وخاصة أن الكثيرين لهم مصلحة وراء هذا الدمار والخراب للاقتصاد السوري، فهم يظنون أن ما لم يأخذوه بالحرب الإرهابية سيأخذونه من خلال إذلال وإفقار الشعب وتركيعه بلقمة عيشه، لكنهم خسئوا فهذا الشعب سيعود للنهوض كما عاد طائر الفينيق من بين الرماد.
هذا لا يعفي وزارة الزراعة والحكومات المتعاقبة من التقصير وتحمّل المسؤولية الكبرى في عدم إيجاد الآليات الكافية والتجهيزات المتطورة للإطفاء وخاصة طيران الإطفاء الحديث الضروري للمناطق العالية والوعرة وصعبة الوصول ،فما زالت إمكانيات الإطفاء لدينا تكاد تكون بدائية أمام التطور في عالم الإطفاء، وكان لا بد من وضع أنظمة متطورة للمراقبة والإنذار المبكر للحرائق، ومهما كانت تكاليفها فهي لا تساوي شيئاً أمام الحفاظ على الثروة الهائلة الطبيعية والحراجية والزراعية التي ضاعت من بين أيدينا.
الآن قد لا يجدي نفعاً البحث بالأسباب والنتائج ولن ينفع التباكي على ما مضى، الأهم هو شد الأحزمة للنهوض من جديد وإعادة ترميم الصورة وإعادة المشهد الجميل للجبال الشامخة والمناطق الريفية الرائعة، ويكون ذلك من خلال تكثيف الجهود لإصلاح البنية التحتية وترميم المنازل المتضررة وإعادة زراعة وتشجير المناطق المحروقة الزراعية والحراجية وغيرها من أعمال الترميم وإعادة البناء، وهنا يبرز دور المؤسسات الحكومية والجمعيات والفعاليات الأهلية والروابط الفلاحية وكذلك الوحدات الإرشادية وغيرها من الفعاليات. فالمسؤولية مسؤولية الجميع لإعادة ما تخرب لأن سورية بلدنا وستبقى عامرة بقلوبنا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار