ديدن أمريكا

بات القاصي والداني يعلم علم اليقين أن أمريكا ليس لها صديق أو حليف أو شريك، بل لا ترى في العالم كل العالم سوى فوائدها ومصالحها ومكاسبها، وهذا أثبتته أحداث السنوات الخمس الأخيرة بشكل فاضح، فما يعنيها من الصداقات والتحالفات التي تتبدل وفق مصالح السياسات الأمريكية القريبة والبعيدة لوضع يدها على النفط والغاز ومخازينه وممراته، ومن أجل ذلك لا ضير بافتعال أزمة هنا، وحرب هناك واحتلال أرض هنا، وزرع قاعدة عسكرية هناك، ولا شك أن أمريكا أمست “مدرسة” بذلك، فقد “حلبت” من حرب الخليج الأولى ألف مليار دولار عبر تغذية حرب صدام حسين على الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 لمدة 8 سنوات ورهنت رصيد العراق وبعض عربان الخليج من إيداعات وعوائد النفط لتمويل صفقات السلاح.. ولم ترتو من المال وصفقات السلاح الكاذبة فأومأت عبر سفيرتها في بغداد آنذاك أبريل غلاسبي التي أعطت الضوء الأخضر لصدام لغزو الكويت، وأن واشنطن “لم ولن تمانع ولن تتدخل” فكان لها ذلك بعد أيام “آب 1990″، وحلبت بذلك ما يزيد على المبلغ الأول، ورغم تبدل الرؤساء والإدارات الأمريكية لم ترتو أيضاً فكانت الثالثة ثابتة في منطق الإدارة الأمريكية وتحيزها لنفسها حتى وإن سحقت كل العالم، إذاً هذا ديدنها، التلون والتغير وفق مصالحها أولاً وشعار “أمريكا أولاً” خير دليل، وإن كان في زمن الرئيس ترامب، ولكنه موروث “بيضاوي” متفق عليه من الجمهوريين والديمقراطيين فكانت شماعة القضاء على طموحات صدام في الخليج، وكذبة “امتلاك العراق أسلحة نووية” حلبت على مدار عشرة سنوات ما يزيد على مجموع المبلغين في حرب الخليج الأولى والثانية، وبعد أن دمرت العراق الذي ما يزال يدفع ثمن فاتورة الحروب التي افتعلتها واشنطن، وبعد العراق أرادت الإدارة الأمريكية الإجهاز على ما تبقى من أموال معظم مشايخ الخليج،فهمست إلى كبار ساستها بإقناع ملك الرمال في السعودية بالتخلص مما يسمى “وجع خاصرة” اليمن وسوف تكون الحرب “خاطفة ونهايتها سريعة” ولكن الذي جرى ويجري أن أمريكا وبعد ما يقارب 5 سنوات من حرب السعودية وتحالفها على اليمن تشي بأنها في بداياتها ولن تنتهي حتى تسحب الإدارة الأمريكية آخر ريال سعودي وتمتص آخر برميل نفط في مياه الخليج.
“الخلاصة” يقول المثل الشعبي “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين” ولكن على ما يبدو أن بعض العربان يلدغون من الجحر ألف مرة ولن يتعلموا من خداع الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تبحث عن مصالحها فقط و”ليذهب العالم إلى الجحيم”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار