صعوبة العودة للإنتاج

من أخطر ما قد تواجهه المجتمعات خلال فترات الركود الاقتصادي الشديد أو الحصارات الاقتصادية الضاغطة هو عمليات تحول الأيادي المنتجة إلى أيادٍ مستهلكة، كأن يتحول مزارع إلى سائق، أو منتج في معمل للغذائيات والكونسروة إلى بائع سمانة، أو مربي دواجن إلى عامل خدمات، أو نجار إلى مستخدم في مدرسة وهكذا……. إلخ،والخروج من العملية الإنتاجية ليس كالعودة إليها لأن العودة إلى الإنتاج تحتاج إلى الكثير من العوامل والمغريات ومنها دعم الدولة للمنتجين وتقديم القروض من غير فوائد إضافة إلى دعم مستلزمات الإنتاج ومدخلاته ومخرجاته وهذا لن يكون بالأمر السهل واليسير على بلد يعاني من حصارات شديدة أو من اختناقات اقتصادية مستمرة كما يحصل عندنا في سورية، فالخروج من عملية الإنتاج هو أصعب بكثير من العودة إليه ومثال على ذلك عملية هدم المنزل فهي أسهل من عملية إعادة بنائه وكذلك الأمر فإن الخروج من عمليات إنتاج الفروج والبيض هي أسهل بكثير من عملية العودة إليه، فالخروج الاقتصادي يعني في جزء كبير منه استهلاك رأس المال الذي كان ركيزة العملية الإنتاجية وغالبية الذين خرجوا من الإنتاج استهلكوا جزءاً كبيراً من رأس مالهم المتمثل بعدة أشكال سواء على شكل أموال (كاش) أو منشآت وأبينة أو آلات فجميع هذه المرتكزات الأساسية لعملية الصناعة ربما تكون قد استهلكت أو استُنفد جزء كبير منها وبالتالي فإن العودة إلى امتلاك هذه الركائز لن يكون بالأمر اليسير وربما مستحيل لشريحة واسعة خرجت من العملية الإنتاجية، وبالتالي لابد ليس للدولة فقط بل للشرائح الاقتصادية الخاصة أن تدعم المنتجين بأي شكل من الأشكال حتى لا يخرجوا من قطاعاتهم الإنتاجية ريثما تمر الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد ولكي تكون بأقل خسائر ممكنة ولابد بالتالي من العمل على إعادة هيكلة الثقافة الاقتصادية عند الشريحة الأعظم من المواطنين سواء كانوا داخل البلاد أو مغتربين لكي تتماهى مع واقع الظروف الاقتصادية التي نمر بها…… ودمتم..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار