هل استيقظ الليبيون؟

على مدى قرابة السنوات العشر الماضية من الحرب في ليبيا وعليها, والليبيون يدفعون الثمن من أمنهم واستقرارهم ومقدراتهم وثرواتهم، والأغلى من كل ذلك خسارة مئات الآلاف من أرواح أبنائهم.
لم يعد هناك مجال للمجادلة في أن الحرب التي شنت على ليبيا ونظامها السياسي السابق كانت مدبرة ومخططة في دوائر القرار الغربية ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية ومن خلفهم جميعاً الكيان الصهيوني العنصري، إذ إن التطورات والأحداث والمواقف التي بدأت تظهر تباعاً بعد الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي وقتله بطريقة شنيعة كشفت وعرّت مصالح الدول التي شاركت في الحرب وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا الدولتان الجارتان لليبيا على الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
ما حدث في ليبيا هو أن النتائج لم تأت حسب التوقعات وخاصة للدول التي شاركت في الحرب كفرنسا مثلاً التي وجدت نفسها شيئاً فشيئاً أمام خسارة مصالحها بعد دخول أطراف جديدة في دائرة الصراع القائم على الأرض الليبية كالنظام التركي الذي استثمر في الإرهاب بعد أن وفرت له دول العدوان التربة الخصبة لانتشاره وتجذره وخروجه عن السيطرة وهذا ما حول الصراع من الأدوات إلى المشغلين فظهرت الانتقادات الشديدة من فرنسا لحليفها في (الأطلسي) نظام رجب أردوغان محملة إياه مسؤولية التدخل في الشأن الليبي ومتناسية في الوقت ذاته أنها هي التي قادت طائرات الحلف الأطلسي لتدمير ليبيا وإذكاء نار الفوضى العارمة التي اجتاحتها من غربها إلى شرقها.
في كل هذه المعمعة السائدة حول الكعكة الليبية وجد الليبيون أنفسهم منقسمين بين أعداء كل منهم طامع في نهبهم وقتلهم وتدميرهم, ويرى الكثيرون من المحللين أن التظاهرات التي تشهدها العاصمة طرابلس والتي انضم إليها عشرات الآلاف من أبنائها للمطالبة بتوفير لقمة العيش وخروج الإرهاب من أرضهم والكف عن التدخل في شؤونهم هي بمثابة صحوة متأخرة على هول ما وقع الليبيون فيه.
فهل استيقظ الليبيون حقاً وأدركوا أن لا حل لمشاكلهم في الارتماء بحضن هذا العدو أو ذاك وأن الحل يكمن في نبذ الخلافات والركون إلى الحوار والتبرؤ من الأطراف الخارجية الطامعة بمقدراتهم والتي لا يهمها شيء سوى منافعها ومصالحها الذاتية وعلهم يدركون قيمة المثل القائل “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار