كان يا ماكان و(سالف وحاضر ومستقبل) العصر والأوان ، كان هناك أستاذ افتراضي «حربوق» يجتهد لتلقين تلاميذه, ومن ثم آبائهم ومعارفهم, الدروس والعبر!! ومن خلال حكاياته وملاحظاته واستفهاماته دائماً ما كان يترك آثار فخ يأمل من طلابه الاحتراز خشية الوقوع فيه واستنباط الحلول الممكنة لتفكيك أي مشكلة، ومن تلك الأفخاخ كانت حكاية «التسويف» والتي بناها الأستاذ بشأن قصة حسابية مضمونها:
«أربعة عصافير على الشجرة, ثلاثة منهم قرروا الطيران، كم عصفوراً بقي على الشجرة؟؟
أغلب التلاميذ حصروا جوابهم بعصفور واحد كنتيجة رياضية محققة بعد طرح الرقم (3 من الرقم 4) !!! إلا أن طالباً ذكياً منهم كان جوابه «أربعة عصافير» لأنه حسب تبريره: ليس كل من قرر نفذ!!
والدليل، دائماً ماتقرر والدته «الحرد» في بيت أهلها, لكنها لم تنفذ تهديدها يوماً، ولم تنفّذ أيضاً قرارها بمهاتفة بنت خالتها الأرملة و التي كانت يوماً من الأيام مشروع خطوبة فاشلة لوالده، والده أيضاً الذي كثيراً ماقرر في سردياته بين أصحابه إلحاق أخيه الأكبر بجامعات أوروبية وكندية وماليزية… وقرر أيضاً عدم تزويج أخته المدللة نهائياً، والتي منها صار خالاً وهو لا يزال في الإعدادية!!
التسويف الذي ضربه التلميذ مثالاً ، هو تسويف مغفور مبرر له، وأياً كانت مسبباته, فتداعيات خداعه الذاتي والاجتماعي بسيطة جداً مثلها مثل الكذب الأبيض، أما التسويف الأسود والمرفوض نهائياً، الذي يجب حظره من القواميس التخطيطية، ولفظ كل من يمارسه ويحرض على ارتكابه هو التسويف الإداري وتحور بعض المسؤولين والمعنيين لعصافير تقرر وتخطب وتغرد.. بينما هي باقية صامدة على الأغصان في حالة استعراض (النعم) من سيارات ومرافقة وحفلات خمس نجوم ودراسات وإقامة الورش واللقاءات الساكنة من دون أي مخرجات ولا تهز جناحهم تداعيات التسويف الكارثية، والتي ممكن أن تصير إشكالية حقيقية تفتقر للبوصلة فيما لو صارت موروثاً إدارياً تتناقله العصافير الزاهية الشجية.