حكومة “أمل”

أيامٌ قليلة تفصل السوريون عن تشكيل حكومة جديدة يعوّل على همتها في التخلص من أزمات معيشية جاثمة على حياتهم، عبر الإدارة والتعاطي المغاير لأداء الحكومة السابقة المتهمة بطريقة أو بأخرى بالتأزيم الاقتصادي بعد تفضيلها إنتاج حلول “ترقيعية” مع جرعات مستمرة من التجريب في معيشة المواطن، والاعتماد على قوة تحمله لدرجة لم يعد قادراً على تلقي أي لكمات جديدة حتى لو تعوّد خده على اللطم.
واقعٌ يطمح المواطن المنكوب في رزقه إلى تبديله مع الفريق الحكومي الجديد، الذي يفترض أن يكون هدفه الأول تحسين الواقع المعيشي عبر سلة قرارات عاجلة تنعش حاله، أقله عبر ضبط فعلي لواقع الأسواق المنفلتة من “عقالها” ووضع حد لتحكم حيتانها برقابهم، مع السعي بقلب قوي إلى زيادة الرواتب بنسبة مقبولة، وهذا أضعف الإيمان في ظل انحدار قيمة الرواتب وارتفاع مستوى المعيشة، فمثلاً تحتاج الأسرة في شهر آب وحده قرابة مليون ليرة، لتأمين مستلزمات المونة والمدارس، بينما لا يتوافر في “الجيب” حسب مستوى الدخل 100 ألف ليرة، لذا يطل هذا الملف الحساس برأسه، متقدماً على جميع الملفات الساخنة الأخرى أمام الحكومة المنتظرة، التي ستظفر بتسجيل نجاحات مؤكدة عند فتح أي قضية معيشية أو اقتصادية إذا نال وزراؤها صلاحيات مطلقة تمنحهم الجرأة باتخاذ القرارات المطلوبة وليس انتظار رضى المسؤول الأعلى خوفاً من الإقصاء عن كرسي المزايا، فاليوم الوضع الاقتصادي يتطلب “رجالات دولة” وليس مسؤولاً برتبة موظف، كما يتطلب الوضع أن تكون الحكومة المقبلة شابة بتفكيرها وطريقة تعاطيها مع القضايا العالقة، وهنا تبرز الحاجة إلى أهمية وجود العناصر الشابة من أصحاب الكفاءات والخبرات بغية المساهمة في حل مشاكل الشباب المعوّل في عملية إعادة الإعمار، بالتالي من الضروري إنشاء وزارات جديدة معنية بهذه الفئة الهامة مع إلغاء وزارات ودمجها مع وزارات أخرى كون وجودها وإلغاؤها سواء.
“كوشة” ملفات أيضاً بحاجة إلى أن تتصدر أجندة الحكومة المنتظرة، لعل أبرزها مكافحة الفساد جدياً ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي، بغية الاتجاه نحو تفعيل استراتيجية الاعتماد على الذات، لذا يأمل السوريون أن تكون حكومتهم القادمة على قدر تطلعاتهم وتسارع إلى إنقاذهم من واقعهم المعيشي المتدني، فهل ستنتظرهم مفاجأة سعيدة بولادة حكومة “أمل” تجمع في فريقها الكفاءات الشابة والخبيرة ويكون همها المواطن فعلاً وليس قولاً، أم إن الخيبات ستكون بالمرصاد عند رؤية وجوه قديمة تحافظ على مناصبها المدعومة حتى مع مساهماتها المدونة في زيادة بؤسهم المعيشي وكأن بلد الكفاءات خالٍ من أهل العلم والخبرة، ليبقى ذلك رهن القادمات من الأيام ..فلننتظر ونحكم…ولعل القادم يكون خيراً على السوريين المحتاجين إلى الفرج بعد سنوات طويلة من القهر والعيش بالقلة!.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار