“فذلكات” أمريكية
بعد رفض مجلس الأمن تمديد حظر السلاح على إيران, يستعد دونالد ترامب الذي لا يزال يتجرع مرارة الهزيمة, للانتقال بداية الأسبوع المقبل إلى ما يسمى “الخطة ب” في ظل محاولاته المحمومة لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران وتفعيل آلية العقوبات الواردة في نص الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 بين طهران ومجموعة (5+1), من دون أن تأتي إدارة ترامب على ذكر الآلية إلا من حيث كونها “حقاً” للولايات المتحدة “يمكنها استخدامه”.
“الحق” المزعوم الذي تروّج له واشنطن, أثار موجة جدل قانوني ودبلوماسي في الأروقة الدولية خاصة بعد انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق عام 2018.
واشنطن تزعم أنه “رغم انسحابها إلا أن توقيعها على الاتفاق سابقاً يخولها العودة إلى الاتفاق النووي وتحريك عقوباته”, لكن هذه “الفذلكات” الأمريكية خالفها حتى حلفاء واشنطن ووقفوا على النقيض منها, مسقطين ما تزعمه واشنطن “حقاً” لها.
لم يعد سراً على أحد أن تصفية الاتفاق النووي هو الهدف الأساسي لترامب الذي جعل إنهاء الاتفاق وعداً متكرراً في حملته الانتخابية عام 2016، ويحاول أن يضيف الوفاء بهذا الوعد إلى خطابه في حملته الرئاسية الحالية, إذ لا يزال ترامب رغم هزيمته في مجلس الأمن الأسبوع الماضي يراهن على أنه “بإمكانه الحصول على تمديد حظر الأسلحة من خلال المضي قدماً في إعادة جميع العقوبات السابقة للاتفاق النووي”.
وعليه, فإن إدارة ترامب اليوم أمام خيارات محدودة وهي الحلقة الأضعف فيها، فإما العودة إلى الاقتراح الأوروبي لتمديد مؤقت للعقوبات حيث تتم مطالبة إيران “بقبوله” حتى إجراء الانتخابات الأميركية القادمة, وإما العمل بصيغة الاجتماع الدولي للموقعين على الاتفاق والتي اقترحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفادياً للمواجهة والتصعيد, وإما الإصرار الأمريكي على تحريك آلية العقوبات وما قد يترتب عليها من خلافات ستنعكس سلباً على عمل مجلس الأمن.
إذا اختارت إدارة ترامب الخيار الثالث, فإنه من المتوقع -إن لم يكن من المؤكد- أنها ستمنى بهزيمة مخزية على غرار هزيمتها الأخيرة فيما يتعلق بتمديد حظر السلاح, لأن الأغلبية الساحقة نفسها من أعضاء مجلس الأمن الذين عارضوا تمديد حظر الأسلحة، سيعارضون أيضاً العودة إلى عقوبات ما قبل عام 2016.