من المفيد جداً، مابين فترةٍ وأخرى، أن نأخذ مساحة نقاهةٍ ثقافية ونبتعد فيها عن عناوين النشرات السياسية والمترّجمات العربية والمعادلات الفيزيائية وكتب الطبخ ومجلات الأزياء والسيارات…إلخ على أمل «ضرب عصفورين بحجرٍواحد»، العصفور الأول هو أخذ استراحة وتهيئة ذهنية (روداج) للمقالب المعلوماتية التي من الممكن أن نتلقفها بعد أيّ نشرةٍ «تلفزيونيّة، سياسيّة،علميّة.. أوحتى منوعاتية»، والعصفور الثاني هو أخذ حجر تأهيلي، إذ إنه بعد التهيئة لابدّ من أن التأهيل سيأتي لخوض غمار أن نكون خارج نطاق التغطية (المصرفي والنقدي والعاطفي..) مع كتب الطبخ، بدجاجها ولحمها، وأسماكها، ومجلات “النفخ” و«السيليكون» وموديلات وحجوزات الشتاء والصيف ووو..«لمن استطاع لها سبيلاً».
وخيُر وسيلة لتحقيق نقاهةٍ كهذه، هي اجترار حكايات الماضي ومحاكاتها ، ذهنياً وعاطفياً، وكتطبيق عملي ومثال على ذلك هذه الاستراحة البسيطة:
ما المصطلحات الشعبية الموروثة في توصيف اليد «بالعامية»؟؟
وبديناميكية ذاكرة بدهية يمكن أن نبدأ:
«إيدو طايلة» أي إنه قادر على تجاوز البيروقراطية في المعاملات الحكومية والقفز فوق القانون.
«إيدو خضرا» أي إن الشتلة الصغيرة برعايته تصبح شجرة كبيرة .
«إيدو طويلة» أو «إيدو خفيفة» حرامي ولص.
«إيدو واصلة» عنده “واسطة” كبيرة وميزات “تعبوية” أخرى!
«إيدو فاروطية» يبالغ في الصرف والتبذير ، أما عكسها فهي «إيدو ماسكة» بمعنى بخيل و«ضريب بوكس» لايصرف قرشاً واحداً ،لا في مكانه ولا في غير مكانه،”وإيدو والكفّ” فتعني لجوء الشخص للضرب كحلّ وحيد لديه عند الغضب والعصبية.
ومصطلحات اليد في الموروث الشعبي السوري وللأمانة تناسب الكثيرين منا و”قص وتفصيل” علينا مع ملاحظة بعض الفروقات الوصفية والتعديلات الزمانية إذ إن “أبو إيد ماسكة” هذه الأيام العصيبة هو بخيل بسبب الضغط المعيشي القاهر والأسعاراللاهبة و ارتدادات سوق الصرف وانعدام الأخلاق، أما الذي “إيدو فاروطية”،هذه الأيام أيضاً، فالله وحده أعلم من أين له هذا؟؟
و”أبو إيد واصلة وطايلة” فتوصيفها بات متأرجحاً ،صعوداً وهبوطاً، ولا ديمومة لصاحبها.
وصاحب اليد الطويلة، هو حرامي أنيق بطقم و”كرافة”.
والكثيرون أصبحوا بحقّ “إيد من قدام وإيد من ورا” أو “إيدو ع قلبو” و ” إيدو بزنارك”… لكن مايحرّضنا على التمسك بالأمل، هو مقولة:”حطّ إيدك بإيدي” فلا سبيل أمامنا غيرها لتعمر البلد.