حصارٌ جديدٌ تعيشه مدينة حلب بفعل انتشار وباء كورونا الكبير على نحو شكّل ضغطاً إضافياً بعد آثار الحرب الثقيلة على صناعتها وسوء إدارة لخصوصيتها الاقتصادية وعجزها عن معالجة مشاكلها المتراكمة مع أن بلورة الحلول المناسبة في وقتها كانت كفيلة بوقف تكبير كرة المصاعب التي تنخر جسد الاقتصاد المحلي وانتشال المواطن عموماً من ضغوطه المتزايدة يومياً، لكن للأسف سياسة «الطناش» ظلت مسيطرة على عقلية مسؤولي الكراسي لغايات معروفة للقاصي والداني.
• السير في شوارع العاصمة الاقتصادية ورؤية الركود الواضح في أسواقها التجارية وقلة حركة أهلها كنوع من الوقاية من الوباء اللعين، تدق ناقوس الخطر على آذان المعنيين ليسمعوا ويبادروا لإنقاذ الصناعة الحلبية وتشغيل معاملها بالطاقة الإنتاجية القصوى وإرجاعها إلى عهدها السابق بغية إنعاش حال سكانها المتعبين على غير العادة حتى في أشد أوقات الحرب قسوة، وهذا أمر هين ولا يحتاج معجزات إذا أرادت الحكومة الجديدة حلحلة مشاكل هذه المدينة الهامة، فجل ما يحتاجه تغيير واقعها تعاطٍ مختلف والمبادرة بخطوات متسارعة إلى إصدار قرارات جريئة ومحقة تنصف مدينة صمدت وتحدى أهلها كل الصعاب من أجل المحافظة على صناعتهم وإبقائها قيد التشغيل والإنتاج رغم كثرة العراقيل في الداخل والخارج، وهذا لا يتطلب من المسؤولين المختصين سوى تفعيل توصيات المؤتمر الصناعي الثالث بما تضمنت من بنود واقعية تعالج المشاكل أمام إعادة إقلاع المنشآت الصناعية وتشجيع صناعييها داخل المدينة وخارجها على المشاركة في إعمار مدينتهم المتضررة وصناعتهم العريقة وتحديداً في القطاع النسيجي.
إهمال مدينة حلب والتغاضي عن مشاكل صناعتها وتجارتها انعكسا سلباً على عموم المدن السورية لكون معاملها كانت تضح كميات كبيرة في أسواق هذه المدن بأسعار مقبولة مع تصدير فائض الإنتاج إلى الأسواق الخارجية، ما فتح الباب عريضاً لتحكم المستوردين وتجار الأزمات برقاب المواطنين وتضييق الخناق على الاقتصاد المحلي، لذا يعد ملف معالجة واقع العاصمة الاقتصادية الصعب من أكثر الملفات المفروض إدراجها بالسرعة القصوى على جدول أعمال الحكومة القادمة و توجيه بوصلتها إلى دعم الصناعة في حلب ومنحها الاهتمام الكافي ونفض الغبار عن دراسات ومقترحات عملية يمكنها عند حسن التطبيق النهوض بمدينة حلب وصناعتها، فهل سيلتفت صناع القرار الجدد إلى هذه الحقيقة المجدية في وضع اليد على جرح مدينة تنزف تحت ثقل الضربات المتتالية لصناعتها، مدعمين باستراتيجية دعم الإنتاج الزراعي والصناعي؟ أم إن مصالح أهل التجارة والاستيراد ستحكم كالعادة على حساب السوريين وليس أهل حلب فقط؟.