أفول نجم أمريكا وصعود الصين
لا تدخر الولايات المتحدة الأمريكية أي جهد لاتهام الصين، وحججها أكثر من أن تحصى بدءاً من الملكية الفكرية للكثير من الاختراعات مروراً بالاستفزازات اليومية بالمياه الإقليمية لبحر الصين، ودعم ما يسمى “حقوق تايوان” سراً وعلناً، ومحاولة افتعال حرب مع كوريا الديمقراطية الجارة والحليفة لبكين، أو تعطيل شبكات الجيل الخامس التي تتمتع بها بكين هذه الأيام، ناهيك عن عرقلة نجاحات التجارة الصينية, وصولاً إلى اتهام بكين بأنها “وراء كل الهجمات الفضائية السيبرانية على مؤسسات ومراكز صنع القرار الأمريكية” وآخرها ولن تكون الأخيرة اتهام بكين زوراً وبهتانا بأنها “وراء فيروس كوفيد19″، وقائمة الاتهامات الأمريكية الجاهزة للصين طويلة، دونما نهاية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا الكم من الاتهامات الأمريكية الجاهزة للصين وفي هذا الوقت؟ هل لأن مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة شعرت بأن الصين هي الخطر الأول في السنين القليلة القادمة؟ أم إن الصعود الصاروخي للصين في مجالات الاختراع والفضاء والتسلح والتكنولوجيا الدقيقة وهذا ما أرعب واشنطن فعلاً؟ أم سلوك بكين الإنساني والأخلاقي ومساعدة حلفاء أمريكا الأقربين من “ناتو” في أزمة انتشار فيروس كورونا في دول الاتحاد الأوروبي، أم رصيدها الهائل من الذهب والفضة والقطع الأجنبي، وكل هذا يحمي الـ”يوان” الصيني عكس أمريكا التي تطبع مليارات الدولارات من دون رقيب أو حسيب أو حتى رصيد.
أم طريق الحرير أو الطريق إلى إفريقيا الذي تعبده الصين بكل احترام وندية مع هذه الدول من دون إكراه أو سيطرة أو احتلال، عكس أمريكا التي تبتز الحلفاء والجيران والأصدقاء بـ”حلب” المال عنوة؟ وهل ارتفاع وتيرة هذه الاتهامات سيستمر حتى أجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني، أم هي سياسية إستراتيجية أمريكية متجذرة. أم إن هذا التصعيد المتصاعد مرتبط بشكل وثيق بإدارة دونالد ترامب حتى أجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني؟ رغم أن أياً ممن سبق يبدو محتملاً, ولكن المؤكد أنها مجتمعة تظل حقيقة ثابتة وأن تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين قائم ومستمر يوماً تلو الأخر، والسبب سلوكيات أدارة ترامب مجتمعة ولكن هذا لن يفيد شيئاً، وصعود الصين لم يأت صدفة وإنما بسبب سياسات حكيمة مبنية على أسس علمية ثابتة، ومحاولات أمريكا وضع العصي بدواليب الاقتصاد والنهوض الصيني لن يفيد, وبكين ستبقى تسير بثقة ودراية نحو تسيد قمم السلم العالمي بالإنتاج والتصنيع والإبداع والاختراع ممزوجاً باحترام الأمم والشعوب الأخرى وهذا سر النجاح الصيني شعباً وقيادة.