مدينون نحن لهذا الإعلام الالكتروني لأنه رفع سقف الحريات، ولنا برقبته ديون كثيرة لأن ما نكتبه يذهب أدراج الرياح!. كأن المؤسسات الرسمية ليس لديها ما يكفي من حزم الإنترنت حتى تقرأ النصوص التي تنتف بفروتها ليل نهار، أو إنها تعمل بقاعدة «قولوا ما شئتم وأنا سأفعل ما أشاء، مادام ليس هناك من يقرأ ولا من يحاسب ولا من يسأل ولا من يجيب»!.
نكتب عن الوزارات والبلديات والمؤسسات الاستهلاكية، عن التهريب والأسواق السوداء وضرب الصناعة الوطنية.. عن المشافي والأسواق والأدوية المفقودة والكمامات.. عن «الكورونا» الذي يتمختر في البلد من دون أن يسأله أحدٌ إلى أين؟ عن «التعتير» والفقر والكهرباء والمعلبات الفاسدة.. ثم ننتظر أن يصلنا رد أو احتجاج أو اتصال صغير يؤكد أن هناك من يقرأ أو من يعمل حساباً للإعلام الذي يحاول إخراج «الزير من البير»، لكن البئر يصبح عميقاً أكثر وصرختنا يبتلعها الصدى.. كأن المكاتب الصحفية في الوزارات تحول موظفوها إلى عاملين في «الديوان» وكأن المسؤولين عنهم لا يطلون كل صباح على المواقع الالكترونية كي يشاهدوا رعيتهم المفترضين، كيف يفكرون وبماذا يصرخون وعلام يحتجون!.
بكل بساطة، نحن نصرخ في بئر لا قرار له، ولأن قراراً قديماً يقضي بضرورة الرد على المواد النقدية التي تنشرها وسائل الإعلام، قد طوي ولم يعد أحد يلقي عليه بالاً أو اعتباراً، فمن الأفضل أن نتحول جميعاً إلى كتابة النعيات ومعاملات الزواج وإخراجات القيد العقاري.. إلى الرومانسيات والبكاء على الأطلال والابتهال أن يأتينا فرج «من غامض علم الله»..
نحن مدينون للإعلام الالكتروني، لأنه حوّل الواحد منا إلى «صفّيف حكي» و«كثيّر غلبة», بينما الأحداث تجري في الشارع على عواهنها وكما يشاء لها الفاسدون والسماسرة و«البلهمطيون» الذي يسرحون ويمرحون ولا أحد يسألهم «من أنتم؟»…
بالمناسبة، لماذا تباع علبة الحمراء الطويلة بتسعمئة ليرة وسعرها الحقيقي ثلاثمئة وخمسون؟ من أنتم؟.