حكومة كفاءات…؟!

لم يسلم السوريون طيلة تولي الحكومة الحالية إدارة الملف الاقتصادي من صدمات معيشية متتالية من دون امتلاك القدرة على استقاء الدروس، و”كأنك يا أبو زيد ما غزيت”، على نحو اضطر المواطن لاتباع حلول ذاتية قوامها التقشف وشد البطون، لكن مع اشتداد طوق الغلاء أصبحت لقمة العيش في خطر حقيقي في بلد غني بموارده الزراعية والصناعية، التي هدرت مزاياها النسبية عن سوء تدبير وتخطيط لصناع المطبخ الاقتصادي المعينين في كراسيهم لخدمة المواطن وليس لمصالحهم الشخصية.

واقعٌ يأمل السوريون تغيّره مع قرب تشكيل حكومة جديدة يكون همّها الأساسي تحسين معيشتهم وإبعادهم عن شبح الجوع والفقر، وهذا يحتاج أداء وعملاً نوعياً لا يشابه نهج الحكومة السابقة، التي أخفقت في معالجة أحوال المواطن وعجزت عن تعويضه عن أيام سوداء عاشها بصبر وقوة تحمل عجيبة، بالتالي وجود أي من الوزراء السابقين ضمن الفريق الحكومي المنتظر سيكون له منعكس سلبي كون رصيدهم خالياً من أي نقاط مضيئة طيلة تسلمهم إدارة دفة الكراسي الوزارية، بدليل أن جميع القطاعات تشهد أسوأ حالاتها حتى بات يُعتقد بأن هناك سوء تدبير ممنهج لقطاعات الاقتصاد المحلي وتحديداً في مجالي الزراعة والصناعة، إلا أن الكارثة المعيشية الحالية تتكلم بـ”القلم نشرح” عن سوء الأداء الوزاري على نحو يلح على إلغاء العديد من الوزارات، التي يعد وجودها وغيابها واحداً، فلو كان وجودها مثمراً لما وصلنا إلى مرحلة الغليان في أسعار سلع منتجة محلية والاتجاه بخطا متسارعة لتحويل البلاد إلى مستهلكة بعد أن كانت لعقود منتجة في ظل وجود إدارة ذكية أحسنت استثمار مواردها بكفاءة عالية ووظفت كل قرش رغم الأموال القليلة آنذاك في حماية المواطن عبر صناعة أمن غذائي واكتفاء ذاتي لا نزال نحيا ببركته حتى الآن.
الأنباء المسربة حول تشكيل الحكومة الحالية تبشر بالخير كون التعيينات تنطلق من مصلحة المواطن أولاً، لكن حتى لو كانت الوجوه جديدة بالمطلق لن تحقق المطلوب إلا إذا كانت حكومة كفاءات وخبرات من أصحاب الأيدي البيضاء القادرة على استثمار قدرات البلاد بالطرق الصحيحة بعيداً عن التجريب بغية التمكن من إيجاد حلول منطقية وواقعية تنعش حال الاقتصاد المحلي وجيوب المواطن، وهذا يحتاج مسؤولين برتبة “رجالات دولة” وليس مسؤولين يفكرون بعقلية الموظف، وسورية بلد كفاءات وخبرات، ولا تقتصر كوادرها على مجموعة من المسؤولين يتم تدويرهم على عدد من المناصب كل فترة وكأن البلاد خالية من الكفاءات، فهل سيتلقى السوريون في قادمات الأيام صدمة إيجابية عبر تشكيل حكومة تكون على قدر التطلعات والآمال أم إن ضربة جديدة ستدوّن في سجل أيامهم الصعبة وسيتلقونها كالعادة من “تم ساكت” بانتظار الفرج المنتظر بقدرة قادر.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار