شطح “الأخضر” في غفلة من صانعي السياسة النقدية إلى مستويات غير مقبولة على نحو قصم تذبذبه الجديد “ضهور” المواطنين بعد تسجيل التجار أرقاماً جديدة لأسعار بضائعهم وسط رقابة تموينية نائمة وتفضيل مسؤولي وزارتهم اتباع سياسة استرضاء خاطرهم، واليوم يهلل لانخفاضه مع توقعات بهبوط تدريجي يدق فيه رقاب المضاربين لمصلحة تدعيم الليرة، وهو أمر فيه خير كثير للاقتصاد المحلي والمواطن، الذي يعد الدولار وأخباره آخر همه، فما الذي يهمه إذا ارتفع الدولار أو انخفض إذا بقيت السلع على حالها المرتفع وسط استمرار حذف السلعة تلو الأخرى من حساباته بلا أي حراك حكومي داعم.
إنجاز تخفيض سعر الصرف سيكون “صفراً على الشمال” إذا لم يثبت عند سعر معين مع هبوط فعلي في أسعار السلع على نحو يضمن تحسين قوة المواطن الشرائية عبر تمكينه من شراء احتياجات إضافية في راتبه المتآكل، وهذا لا يأتي بالوعود والحملات الإعلامية بل يتطلب سلة إجراءات استثنائية تبدأ من اتخاذ قرار استراتيجي بدعم الإنتاج الزراعي والصناعي، فمن دون تحريك عجلة الإنتاج سيبقى سعر الصرف متأرجحاً وستتأرجح معه معيشتنا المنكوبة، ويوازي ذلك تصحيح مدروس للأجور وليس مجرد ترقيع يزيد “فتقه” تجريد بعض التجار الزيادة من قيمتها كالعادة، مع إصلاح إداري جدي تطبّل له وزارة التنمية الإدارية من دون تلمس نتائجه حتى الآن، بل على العكس يزداد واقع مؤسساتنا سوءاً وخاصة مع اتساع نطاق سيطرة الفاسدين، في وقت يتطلب فيه مكافحة شجاعة لداء الفساد وضخ الأموال المحصلة في خدمة تحسين معيشة المواطن، الذي تحمّل الأمرّين خلال سنوات الحرب السوداء، وآن الأوان لرد الجميل له وإنقاذه من أزمات متتالية سببها عجز المعنيين عن رد بلائها ومنع تكرارها ليدفع الفقراء وذوو الدخل محدود الثمن بلا حمداً ولا شكوراً.
تفريج “هم” المواطن المعيشي لم يعد خياراً يناور صناع القرار في طرحه، حيث بات ضرورة ملحة لإنقاذ اقتصادنا المتعب وإبقائه(واقفاً على رجليه) كونه يعد أحد أهم أعمدته الضامنة لصموده وتخليصه من مشكلات حصاره الداخلية والخارجية، وبالتالي تجاهل حمايته ودعمه والاستمرار بالاعتماد على قوة تحمله في مواجهة الأزمات المتلاحقة ستكون له عقبات خطرة، ما يتطلب يداً “أبوية” حنونة تنتشله من واقعه المعيشي المتأزم وخاصة خلال فترة الأعياد وموسم المدارس والمونة سواء بزيادة رواتب أو منحة تسند جيبته الفارغة، بالتالي إشاحة النظر عن هذا الخيار واستبداله بتخفيض سعر الصرف من دون عكس آثاره على أسعار السلع سيزيد الطين بلة ولا سيما إذا مرّ عيد الأضحى بلا تحلاية، إلا إذا اعتبر مسؤولونا أن تأمين الخدمات الأساسية خلال فترة العيد كتخفيف التقنين الكهربائي الجائر وحصول المواطن على إجازة طويلة بلا حر الصيف “عيدية” مرتبة والسلام..؟!