لم نعد نحتمل …!!
تقف أم نوري يلفها الخجل والريبة على مقربة من حاوية القمامة، علها تجد ما يمكن بيعه من نفايات بلاستيكية والاستفادة من ثمنها بما يسد قوتها اليومي، هذه المرأة يبدو أن ظروف الحرب غدرت بها كما الآلاف غيرها، لتنتهي متنقلة من حاوية إلى أخرى، مسترقة النظر خجلاً من أن يتعرف عليها أحد من المارة.
ليست الحرب وحدها هي من تركت بصماتها على ملامحنا، فارتفاع الأسعار قصم ظهورنا حتى طغى حديث الغلاء على كل تفاصيل حياتنا اليومية، ودفع الفقر بالبعض إلى حد ارتكاب الجريمة، فكل شيء يدل أننا على حافة الجوع، بتنا نرى أغلبية الوجوه شاحبة والنظرات منكسرة، إذ إن الأغلبية حذفت من قائمة احتياجاتها اليومية اللحمة والفواكه و..و..و ، حتى وصلت حد الكفاف أي ما يبقيها على قيد الحياة، فهذا الواقع المأساوي لا يحتاج أدلة فهو ينطق أينما ذهبت.
يدرك القاصي والداني تماماً الأسباب والعوامل التي آلت إليها ظروفنا المعيشية ووصلت حد الانهيار ، بدءاً من ضعف القوة الشرائية وتدني قيمة الليرة، وليس انتهاء بإرهاب ( قيصر) اللعين، حتى إن البائع البسيط قادر أن يتحدث بمنطق التحليل، واستعراض العوامل المسببة لواقعنا إلى أن يصل إلى غياب محاسبة الفاسدين .!
هذه المعطيات دفعت بالأغلبية إلى اتباع ما أمكن من أساليب لتأمين ما يساهم بتوفير لقمتهم اليومية، كاعتماد الزراعات المنزلية وتوفير ما أمكن توفيره، لكن مع حجم التقشف وضغط النفقات، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى نستطيع التحمل أكثر في وجه تلك الظروف الخانقة، إذ إن كل الحيل التي يتبعها الناس أصبحت تساوي صفراً أمام اضمحلال الراتب وخاصة الأسر من ذوي الدخل (المهدود )؟ إلى متى سيبقى كل منا متماسكاً بعد أن سفحت كرامته لسنوات طويلة (لأن الفقر يذل)؟ فهل رصد الاعتمادات لتحسين متممات الرواتب وزيادة قيمة الوجبة الغذائية التي تحدثت عنها الحكومة ممكن أن ترمم ولو رقعة صغيرة لثوب مهترىء بأكمله؟!.