حربُ تخريبٍ وتدميرٍ وحصارٌ اقتصاديٌ, وعقوباتٌ تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية مورست على اقتصادنا الوطني منذ عقود مضت, وليست خلال سنوات الحرب الحالية فقط, لكن أخطر ما فيها أنها طالت كل مكونات المجتمع في التخريب والتدمير..!
لكن الصناعة المحلية كانت الأكثر تأثراً, حيث تعرضت جميع قطاعاتها للتدمير والتخريب, وعمليات سطو وسرقة للمنشآت وخطوط الانتاج في الشركات العامة والخاصة, بقصد ضرب العمود الفقري للاقتصاد الوطني, وإفراغ السوق من المنتجات والسلع الرئيسية, وذلك بقصد تحويل القطاع الصناعي إلى قطاع اتكالي يشكل عبئاً ثقيلاً على خزينة الدولة , الأمر الذي يؤدي أيضاً إلى إفراغ الاقتصاد الوطني من أهم مقومات الصمود والمواجهة التي تفرضها الحرب الظالمة, وأدواتها الإرهابية , والتفنن في الحصار وفرض العقوبات الاقتصادية , وتنويع أساليبها ..!
إلا أن كل ذلك باء بالفشل وتحطم على صخرة صمود بلدنا, بكل أطيافها ومقومات شعبها, وخاصة المتعلقة بظروف معيشته ومصادر رزقه, التي يشكل القطاع الصناعي أهمها , لذلك كان الاستهداف الأول والمباشر للعصابات الارهابية هو تخريب وسرقة مقومات هذا المكون, وتدمير بنيته التحتية..!
وهنا لا نريد أن نتجاهل ما كان يعانيه من مشكلات وصعوبات سابقة استعصت على القائمين في إيجاد الحلول المناسبة لها , رغم وجود عشرات المشاريع والدراسات التي تقضي بإنقاذ الصناعة مما تعانيه, من ضعف في الأداء الاداري والمالي , وحتى فيما يتعلق بفنون التسويق والتجارة وغيرها..
وعلى الرغم من ذلك ما قدمته الصناعة الوطنية خلال سنوات الأزمة يشكل حالة اقتصادية حملت من خلالها مهمة تأمين حاجة السوق المحلية , وبعض الجهات العامة من المواد والسلع الضرورية , ومجاراة الواقع بما يحمله من صعوبات في تأمين المستلزمات الأولية , المعاناة التي يفرضها تأثير العقوبات, وتقلبات الأسعار, وارتفاعها بصورة لم تشهدها أسواقنا منذ عقود مضت..!
وهذه الحالة بالتحديد تفرض علينا خياراً وحيداً للخروج من أزمة السوق, وجنون أسعارها , يكمن في إعادة الألق للصناعة على اختلافها وتنوعها, وبشقيها العام والخاص, من خلال تبني رؤية واضحة, واستراتيجية بناء تنسجم مع امكانات الواقع الحالي , وإيجاد بيئة تشريعية جديدة تستقطب رأس المال المحلي والخارجي , بما يحمله من مهمة إعادة التوازن الصناعي بأجنحته المختلفة , وتأهيل المنشآت التي تضررت بفعل الإرهاب وإدخال بدائل جديدة إلى المكون الصناعي نستغني من خلالها عن المستورد وبشكل نهائي , فهل يتحقق خيارنا قريباً..؟!
Issa.samy68@gmail.com