استثمار الانتصار

لم ينحصر مفهوم الاستثمار بالمعنى الاقتصادي فقط، بل تعدّاه ليشمل العديد من الجوانب السياسية والاجتماعية والتنموية والاقتصادية طبعاً.
ونرى أنه، بعد الحرب على سورية، صار لزاماً على السياسيين والمهتمين بالشؤون الدولية مراجعة المفاهيم والمصطلحات، وإسقاط التحليلات برؤية جديدة، مادامت سورية اليوم حاضنة لأهم ميدان كان أن زلزل الاحتمالات والفرضيات، وقد أثبتت فيه سورية أن لكل قاعدة استثناء، ودليلنا مخرجات حرب قدّمت ومازالت، نصوص حضور سوري، أفشلت جميع التكهّنات والمخططات التي ما فتئت دول الغرب وأزلامها تقدم من خلالها كل المحرّمات «للنيل» من السيادة السورية، وتحقيق مصالح استعمارية بحلّة محدثة، بينما وجهها الأصلي ليس إلا حضوراً واهماً تظن فيه العصبة العدوانية «أنها قادرة» على استعادة زمن الاستعمار القديم بأدوات جديدة، ذاقت بيادقها الوكيلة طعم الهزيمة والاندحار أمام صولات وجولات الجيش العربي السوري، الذي قدم الكثير من التضحيات في «بنك استثمار» معنون بـ«المقاومة حتى دحر آخر إرهابي على الجغرافية السورية».
وما انتصارات المؤسسة العسكرية إلا نتاج طبيعي لبطولاتها وشجاعتها، التي جنت من خلال تقديم التضحيات زيادة في رأسمال معنوي، طالت أرباحه الجيوسياسية معظم المناطق السورية، حيث قلّصت بشكل كبير ساحة الإرهاب، وأعادت الاستقرار لمعظم المدن السورية، وهيّأت النجاحات العسكرية الظروف المناسبة لمتابعة العملية السياسية.
وهاهي اليوم تعيد الأمن والأمان إلى عشرات القرى والبلدات والمدن في ريفي حمص وحماة بإنجاز عسكري أعاد الحياة لمنطقة جغرافية حيوية في المنطقة الوسطى تشكل عقدة مرور مهمة تربطها ببقية المحافظات السورية، وليرتفع العلم السوري بعد إتمام التطهير بعزيمة وإصرار على الاستمرار في زيادة رصيد الإنجازات بهمة صاحب الوديعة الحقيقية، وديعة الشرف والإخلاص في تنفيذ الواجبات الوطنية والدستورية في الدفاع عن أمن الوطن والمواطنين.
وتحقيقاً لاستقرار تنشده الدولة السورية تمّت عودة مئات الآلاف من المواطنين إلى منازلهم والعملية مستمرة لتكتمل عودة الجميع.
إنجازات تتم بالتوازي ما بين العمل العسكري الناجح بانتصاراته الكبرى، وعمل سياسي تثابر من خلاله على إحراز تقدّم كبير في إطار أي عملية سياسية حوارية.
ولأن بنك مدّخراتنا استثمر ما هو ثمين من تضحيات كثيرة ونبيلة؛ لابد لنا اليوم من جني الأرباح التي تليق بوطن استثنائي، ما بخل بتقديم الغالي من الأرواح في سبيل تحقيق السيادة الوطنية، وجلاء كل القوات الأجنبية عن الأراضي السورية بعدما خابت آمالها وفشلت في تحقيق ماهو غير شرعي بحقّ وطن له سيادة وشرعية.
استثمار بطولي، النتائج فيه رابحة بالتأكيد، وزادت من رصيد الشموخ لكل السوريين، في حين أفلست في المقابل بنوك الآخرين الذين استودعوا حكوماتهم الأفعال الصغيرة، وامتهنوا الارتهان والخنوع لتحقيق مصالح أسيادهم، مصالح لن يأتيهم منها إلا وابلٌ من الذلِّ وبئس المصير.
m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار