تعافي الأسواق هل ينعش الاقتصاد؟.. اقتصاد السوق حلقة من مجموعة حلقات لا ينجح بفقدان إحداها
الحرية – محمد فرحة:
تشهد الأسواق هذه الأيام حركة نشطة تزامناً مع انخفاض في أسعار السلع، فهل هي طفرة أو مجرد فقاعة صابون سرعان ما ستعود وتكبل المستهلك؟
الكل يتساءل: ما هذا الذي يجري في أسواقنا من تدنٍّ كبير في الأسعار لم يكن يتصوره يوماً أحد، فقد انخفض بعضها حوالي خمسين بالمئة وبعضها الآخر أكثر من ذلك. هي ليست حزورة كيف ولماذا وإلى أين وهل ستستمر الأمور هكذا أم هي طفرة العرض والطلب والشاطر من يبيع؟
كلنا يدرك أن اقتصاد السوق هو حلقة متكاملة لا يعمل بفقدان بقية الحلقات، ولذلك لا بد من وضع استراتيجية حول آلية التسعير بشتى أنواعه وأشكاله، وخاصة ما يتعلق بالليرة السورية.
مدير المصرف التجاري في مصياف والخبير الاقتصادي مهنا المحمد، أوضح لصحيفة “الحرية” العديد من النقاط من خلال حوار طويل معه وهذا ما بينه: إن الانتقال من نظام السوق الاشتراكي أو شبه الاشتراكي إلى السوق الاجتماعي، بل إلى نظام السوق، يعتبر من العمليات القاسية والصعبة، فهو يحتاج إلى دراسة وتوفير مقومات نجاحه، وبغير ذلك تكون الأمور محفوفة بالكثير من العراقيل والأخطار والإشكاليات.
وتطرق الخبير مهنا إلى أن أول هذه الأخطار أو العراقيل فقدان الكثير من العمال لوظائفهم والناتج عن عملية الخصخصة وبيع القطاع العام أو تهميشه، أو اعتماد صيغة مخففة تسمى التشاركية، أضف إلى ذلك خروج عدد كبير من المنشآت الصغيرة من سوق العمل نتيجة لعدم قدرتها على المنافسة من جهة، وارتفاع تكاليفها التشغيلية من جهة ثانية، زد على ذلك، ما يسبب من أخطار اقتصادية ومشكلات اجتماعية أيضاً.
وفي معرض جوابه على سؤال حول آلية السوق اليوم، وما يشهده من تنافسات، يكشف المحمد أن هذا من شأنه أن يسهم حتماً في إيجاد بيئة تنافسية، والأجدر هو من يبقى من حيث الأقل تكلفة والأكثر جودة في المرحلة اللاحقة الطويلة الأمد.
هذا سيكون قادراً على جلب فرص استثمارية وزيادة قدرة السوق على استيعاب عمالة جديدة، الأمر الذي من شأنه أن يخفض في نسبة البطالة، وتأمين دخول جديدة ضمن شروطٍ بيئية اقتصادية أفضل.
الفرص لأصحاب الخبرات
ويتابع موضحاً أن الفرص في هذا المجال ستكون لأصحاب الخبرات كل في مجال عمله، بدءاً من عامل البناء مروراً بالمهندس وانتهاء بالعامل، لكن أهم الشروط لإنجاح كل ذلك الاستقرار الأمني، وبغير ذلك لا استثمار ولا تشغيل، وبالتالي سنكون سوقاً لتصريف منتجات الآخرين التي تملأ أسواقنا اليوم.
عدم القدرة على المنافسة ومنعكساته السلبية
ويمضي الخبير الاقتصادي في حديثه بإسهاب أن عدم قدرة المنتج المحلي على المنافسة، سينعكس على أسعار الصرف وعوامل الطاقة وزيادة البطالة في ظل خروج العديد من المنشآت من دائرة العمل والإنتاج لعدم قدرتها على المنافسة. والحل برأيه أنه لا بد من إجراءات تمهيدية ودراسة وافية ومتمعنة أولاً حتى وإن احتاج ذلك لعدة سنوات لتهيئة السوق وتوفير عوامله، وأهمها التخفيض التدريجي للجمارك والضرائب وتوفير البيئة التحتية، من وسائل النقل البري والبحري والجوي وتحسين عوامل الطاقة وبأسعار منافسة فبالمحصلة هي قضية اقتصاد وطن.
ويختم مدير مصرف تجاري مصياف حديثه لصحيفة “الحرية” بأن الأهم من كل ما سبق، أنه لا بد من توضيح النقاط التالية: إن لم يتوفر دخل جيد لن يتمكن الاقتصاد من الانتعاش والازدهار والانطلاق، وبالنتيجة اقتصاد السوق هو حلقة متكاملة وفقدان أي منها يعني عدم نجاحها.
بالمختصر المفيد: رغم أن أسعار السوق الحر التنافسي اليوم ملائمة للمستهلك، لكن غياب السيولة النقدية وعدم تقاضي الموظفين لرواتبهم جعلا الأسواق تنكمش تدريجياً ولم نعد نرى ذلك الازدحام الذي كنا نراه في مطلع هذا العام.