التأسيس لسورية الجديدة.. معادلة بسط الأمن بين مسؤولية الدولة وتعاون المواطنين
الحرية- هبا علي أحمد:
من الطبيعي أننا نعيش في جوّ مليء بالتحدّيات الأمنية، ولا سيما أننا ما زلنا في مرحلة انتقالية من نظام وشكل حكم ساد لخمسة عقود إلى نظام وشكل حكم آخر يختلف جذرياً وتختلف الرؤى والتوجهات وبالتالي شكل الدولة، الذي يحتاج ترسيخها والوصول إلى مرحلة الاستقرار وبسط الأمن والأمان إلى وقت يتطلب تضافر الجهود، وهذا الأمر يسري أساساً في كل الدول التي تعيش مراحل انتقالية تغيّرية، فكيف إذا كان الأمر بدولة شرق أوسطية كسوريا مُحاطة بالكثير من التحدّيات والأخطار والأطماع.
ورغم التحدّيات الأمنية التي نواجهها، تعمل الإدارة الجديدة عبر الاستخبارات العامة بالتعاون مع إدارة الأمن العام بكل ما يلزم لإحلال الأمن وتجاوز المرحلة الراهنة.. من هنا جاءت عملية إحباط جهاز الاستخبارات العامة محاولة تنظيم “داعش” الإرهابي القيام بتفجير داخل مقام السيدة زينب في محيط العاصمة دمشق أمس، والتي أسفرت عن اعتقال الأشخاص المتورطين في هذه المحاولة لتنفيذ عمل إجرامي كبير يستهدف منطقة ذات رمزية لدى مكون من مكونات الشعب السوري.. وفي المحصلة يستهدف سورية التي تحرص الإدارة الجديدة للبلاد على حمايتها وتحصينها بشكل مطلق.
إن إحباط العملية لهو بُرهان وتأكيد على أولويات الإدارة الجديد في بسط السيطرة الأمنية و إرساء الأمن والأمان، ويبعث برسائل مُطمئنة في الوقت ذاته لناحية اليقظة لما يُمكن أن تتعرض له البلاد والقدرة على التصدي له.
طبعاً إحباط العملية الإرهابية التي كانت تهدف لزعزعة الأمن والأمان وترويع السوريين، ليست الأولى إذ سبقها إحباط محاولة تفجير سيارة مفخخة كانت قادمة باتجاه مدينة حلب من مناطق سيطرة قوات قسد، إلى جانب الكثير من العمليات والمحاولات التي تتصدى لها إدارة الأمن العام كعمليات السرقة وترهيب المواطنين والسطو على ممتلكاتهم وإرسال التهديدات كلها تحاول الإدارة التصدي لها والحد من تبعاتها حتى لا تطال التماسك المجتمعي وتزعزع الثقة بالدولة الجديدة.
كما بدا واضحاً أن التصدي لتلك المحاولات- بما فيها التي تندرج تحت مسمى الفردية- دليل على أن الأمن العام يُشكل حجر أساس في عوامل الثقة بين المواطن والحكم الجديد، واللافت أكثر سرعة الاستجابة من قبل الأمن لأي موضوع يُثير الجدل ويُقلق أمن المواطنين ويُثير تساؤلاتهم حول المستقبل، والعديد من الأفراد تم اعتقالهم بعد احتجاج الناس على سلوكهم وخطابهم، وهذه عوامل تبني الثقة وتُعززها، كما تُشكل حاضنة شعبية للأمن العام وهذه نقطة غاية في الأهمية في طريق بناء الدولة.
بالعموم تسعى الإدارة الجديدة بشكل يومي إلى تعزيز عامل الثقة وطمأنة المواطنين، ويندرج في السياق ما جرى اليوم بإخلاء سبيل 360 شخصاً من الموقوفين على خلفية الحملة الأمنية في حمص على أن يتم إخراج دفعات أخرى.
بعموم المشهد، فاليوم لسنا في وارد البحث عن المستفيد من عدم الاستقرار وبسط الأمن والأمان في سورية، أو البحث في التوقيت، لأن في ذلك انشغال عن ترتيب بيتنا الداخلي، ولأن المتضرر من عدم تحقيق الأمن وإرساء الاستقرار في النهاية نحن السوريين جميعاً، وبالتالي أولويتنا التعاون وسد ثغرات ما يحول بيننا وبين ما نسعى إليه وما نريده في سوريا الجديدة، ويُمكن القول إن الأولوية التي تبديها الحكومة في بسط الأمن لا بد أن تترافق مع الإسراع قدر المستطاع في تشكيل المؤسستين الأمنية والعسكرية كحاجة مُلحة وضرورية.. فالمؤسستان المذكورتان وما تقومان به على مستوى أمن الدولة وحمايتها ركيزتان أساسيتان في البناء الاقتصادي والمجتمعي للدولة.