الشرع ولقاء أول مع قطاع المال والأعمال.. صافرة انطلقت
الحرية – مها سلطان:
وفق العنوان أعلاه يمكن قراءة لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة، السيد أحمد الشرع، مع وفد من الصناعيين ورجال الأعمال من محافظتي حلب وإدلب، والذي بحث خطط النهوض الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص في إعادة الإعمار ودعم المشاريع الإنتاجية.
ولأن الهم الاقتصادي أولوية، تلقف السوريون خبر اللقاء باهتمام شديد ورأوا فيه تأكيداً على مصداقية القيادة الجديدة التي أعلنت منذ اليوم الأول أن العمل على المسار الاقتصادي سيكون عنوان المرحلة، ووعدت بجدول زمني (مدته عام من الآن) سيشهد فيه السوريون تحسناً ملموساً في وضعهم المعاشي، ربطاً بنهضة اقتصادية لن يتأخر انطلاقها.
لا شك أن هناك تعويلاً كبيراً على القطاع الخاص في ظل نظام «السوق الحر» الذي اعتمدته القيادة الجديدة، وعندما نتحدث عن قطاع خاص فنحن نتحدث حكماً وحتماً عن رجال أعمال ومستثمرين/ صناعيين وتجار/.. ونتحدث حكماً وحتماً عمّن هم داخل البلاد وخارجها، فسوريا الجديدة تحتاجهم جميعاً، وكما بنوا اقتصادات مهمة /مشهود لها/ في دول اللجوء والنزوح على مدى 14 مضت فإنهم بلا شك يستطيعون فعل الشي نفسه في سوريا..
أما بالنسبة للقطاع الخاص في الداخل- وإن كان في مرحلة انهيار حالياً على المستوى العملي- إلا أنه ليس كذلك على مستوى العقل الاقتصادي الذي ما يزال متحفزاً جاهزاً وحاضراً، والأهم وطنياً بامتياز، للبدء من جديد، وتكريس حالة التعاون مع قطاع المال والأعمال في الخارج، ليكونوا يداً واحدة.
الأهم في اللقاء بين السيد الشرع ووفد الصناعيين ورجال الأعمال، أنه كان رسالة واضحة، بأن سوريا الجديدة ترغب بمشاركة الجميع، وهي في الوقت ذاته لا تتغافل عن التحديات الكبيرة التي ستواجه عملية النهوض واستعادة الاقتصاد.. والجميع- عملياً- في صورة هذه التحديات، وعلى رأسهم الصناعيون ورجال الأعمال، وهذه الناحية ليست سلبية بالكامل، إذ إنها تحمل إيجابيات أيضاً لناحية وضوح الصورة والرؤية، وأن الجميع على بيّنة بخصوص ما هم مُقدمون عليه.
والسؤال: هل يختلف الأمر بين الداخل والخارج؟
مرد السؤال أن قطاع الصناعيين ورجال الأعمال في الداخل محكومون بالكثير من الاعتبارات وهم عملياً بمجملهم في حالة إفلاس، أما من هم في الخارج فهم استطاعوا تحصيل ثروات مهمة، عبر نجاحهم البارز في بناء قطاع أعمال كامل، وهم إذ يريدون العودة، أو يُطلب منهم العودة، فهم أيضاً محكومون بالكثير من الاعتبارات، أو لنقل هم يحسبونها على عدة أوجه، خصوصاً- كما يُقال- إن سوريا الجديدة ما زالت في مرحلة ترتيبات سياسية/ أمنية، لم تنتهِ بعد، وقد تأخذ مدة زمنية ليست بالقصيرة. قطاع الأعمال في الخارج لا يمكن لهم إلا أن يأخذوا بحسبانهم افتقاد سوريا لكل اللوجستيات (تقريباً) التي لا يمكن من دونها تشجيع قطاع الأعمال في الخارج على العودة أو المشاركة.. غياب اللوجستيات يعني غياب حوامل العمل والانتاج، من الكهرباء والوقود، إلى القوانين الناظمة، إلى البيئة المصرفية، والأهم الثقة بالحماية والأمان لهم ولأعمالهم، وغير ذلك كثير.. وصولاً إلى العقوبات الدولية المشددة. كل ذلك لا بد أن يكون بالحسبان.
مع ذلك فإن الإدارة السورية لا تقول بأنها تملك عصا سحرية، وأن جميع الأزمات ستختفي بين يوم وليلة، وإنما هي تدعو للتعاون والتلاحم والتضامن من أجل سوريا المستقبل ومن أجلها جميع أهلها. كانت هذه هي الرسالة الأهم للقاء بين السيد الشرع ووفد الصناعيين ورجال الأعمال.
كثير من الخبراء الاقتصاديين يرون أنه حتى مع بقاء العقوبات الدولية، فإنه بالإمكان إطلاق نهضة اقتصادية وإن بمستويات داخلية، حيث إن سوريا لطالما تمتعت باقتصاد متنوع/ زراعي صناعي تجاري سياحي وخدمي/ وهذا ما يمنحه «مزايا تفضيلية وقوة كبيرة» ركز عليها اللقاء، وعلى «أن التركيز سيكون خلال الفترة المقبلة على الاستفادة من تجارب الدول الناجحة على المستوى الاقتصادي، إضافة إلى دعم وتطوير الإنتاج الصناعي والزراعي، إلى جانب حماية المنتج الوطني، ورفع ميزان الصادرات بما يعزز مكانة الليرة السورية» وفق تأكيد السيد الشرع خلال اللقاء، مشيراً إلى «أن ذلك لا يتم إلا بالإنتاج وفتح الآفاق أمام الأسواق الجديدة، مع العمل على جذب الاستثمارات من الخارج، وتحسين الخدمات، والتعاون مع الدول العربية والأجنبية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار وتوسيع الموانئ والمطارات والسكك الحديدية».
وعليه، لا شك أن أي نهضة اقتصادية داخلية ستستطيع فتح أبواب الإقليم، وفق رؤية السيد الشرع خلال اللقاء، ويمكن للقيادة الجديدة أن تبدأ بقطاع أعمال الداخل تمهيداً لعودة قطاع أعمال الخارج، يساعدها في هذا الأمر حلفاء وأصدقاء أبدوا استعدادهم الفوري والمباشر، وهم بالتالي قادرون على تأمين اللوجستيات اللازمة للانطلاق، واختصار الزمن العمل، وخلق بيئة استثمارية واعدة، محفزة، وآمنة.
.. ويبقى الأهم، أن قطاع المال والأعمال يقابله قائد (أي السيد الشرع) هو على «إلمام تام بكل صغيرة وكبيرة، وصاحب مشروع وطني كبير يمهد لبناء سورية حرة لكل أبنائها» وفق تصريحات لرجال أعمال ضمهم اللقاء. كل ما سبق وغيره كثير، سيسهم في طمأنة قطاع الأعمال في الخارج للعودة والمشاركة في عملية البناء والإعمار.
.. والقادم حتماً أفضل كما يقول السوريون.