الثمار المصابة حشرياً ضارة صحياً ومادياً.. لا تظهر خارجياً واكتشافها يتم عندما يحين تناولها

تشرين – وليد الزعبي:

إنه لأمر مثير لانزعاج وحنق المستهلك عندما يشتري فاكهةً مثل الدراق والمشمش والتين والصبار والتفاح، أو خضاراً مثل البطاطا والفليفلة بأثمان مرتفعة، وعندما يعود للمنزل ويهمّ وأسرته لتناولها أو طهوها يجدون أنها مصابة حشرياً بالدود من الداخل، فيضطر إلى إتلافها مبدداً بذلك قيمتها بلا أي طائل، ويستغرب المستهلك الفقير الذي يقع ضحية لمثل هذه الحالات كيف تصل منتجات معطوبة إلى الأسواق من دون أن تجد من يتابعها ويحميه منها، كما يستهجن ضعف الإجراءات الوقائية وترهّل عمليات المكافحة في الحقول التي يمكن أن تقلل أو تنهي مثل تلك الإصابات الضارة بصحة المستهلك وجيبه في آن معاً.

الدراق والمشمش والتين والتفاح والبطاطا والفليفلة وغيرها أمثلة عن حالات الإصابة

البلوى في الداخل
عدد من المواطنين ذكروا أن معظم الفاكهة لا تبدو عليها من الخارج أي مظاهر إصابة، بل تبدو مغرية الشكل أحياناً وتدفع للشراء بلا أي تردد بالرغم من قيمتها المرتفعة، لكن عندما يتم فتح الثمار في المنزل يلاحظ وجود دود مقزز للنفس بداخلها يدعو لإتلافها على الفور، وكذلك بالنسبة لبعض الخضار مثل البطاطا والفليفلة وغيرها، إذ يكون شكلها جيداً وعند معاينتها من الخارج لا تكتشف أي إصابة فيها، إلا أنه ولدى بدء ربات المنازل بتحضيرها للطهو تظهر الإصابة بالدود من الداخل، فتضطر إلى إتلاف أجزاء كبيرة منها، إن لم يكن كلها.

يعرف بالمشكلة
يرى متابعون أن معظم الفلاحين يعرفون فيما إذا كان محصولهم مصاباً أم لا، أي إنهم يسوقون منتجاتهم إلى أسواق الهال وهم على دراية بأن قسماً ليس بقليل منها غير صالح للاستهلاك البشري، لكن على ما يبدو أن الإضرار بالمستهلك مادياً وصحياً قد لا يعني بعضهم بشيء، إذ إن همهم الوحيد هو تسويق محصولهم بلا أي خسائر. ويعيب المتابعون على مثل هؤلاء المزارعين هذا التصرف، ويرون أنه كان من واجبهم اتخاذ إجراءات الوقاية والمكافحة لمنع إصابة محاصيلهم بالأمراض والآفات، ما يجنّبهم الخسارة ويجنب المستهلك تناول محاصيل ضارة.

ضعف إجراءات الوقاية والمكافحة لغلاء المبيدات سبب مباشر

وقاية ومكافحة
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش، ذكر أن الإصابات تحدث بمختلف المحاصيل ولعدة عوامل، ولتلافيها أو التقليل منها، ينبغي على الفلاحين اختيار الأصناف المناسبة والانتباه إلى ضرورة أن تكون التربة سليمة من الإصابات الفطرية والآفات الحشرية، والعمل على الرش الوقائي أو لدى ظهور الإصابة، لافتاً إلى أن الفلاحين في محافظة درعا لديهم خبرات واسعة في تنفيذ العمليات الزراعية منذ بدء زراعة البذور ونمو الشتول وصولاً إلى عملية جني المحصول وتسويقه، كما ولديهم دراية بالأمراض والآفات التي قد تصيب المحاصيل ويقومون بعمليات المكافحة، إلا أن ارتفاع أسعار المبيدات اللازمة للمكافحة يلعب أحياناً دوراً سلبياً، وخاصة لدى المزارعين الذين لا قدرة مالية لديهم على تحمل أعبائها، حيث يشترون كميات قد لا تكون كافية أو لا يشترونها أصلاً، ما يؤدي إلى ظهور بعض الإصابات وتوسعها.

جولات على الأسواق
وبيّن مدير الزراعة أن المديرية تقوم بجولات ميدانية، تشارك فيها الكوادر الفنية من دائرة الوقاية وشعبة الحجر للكشف على المنتجات الزراعية المطروحة في أسواق الهال، وذلك بغية الاطلاع على جودتها وخلوها من الآفات الحشرية والإصابات الفطرية، ومن تلك الأسواق التي تم الاطلاع عليها مؤخراً كلّ من نوى ودرعا وطفس، حيث اتضح أن الحالة العامة لمعظم المنتجات جيدة وإصاباتها محدودة جداً، فيما هناك درجات لأصناف الخضار المعروضة كما هو معروف (أول وثانٍ وثالث).

تشوه الثمار وتساقطها
وذكر أن أكثر الفاكهة المصابة قادمة من خارج المحافظة، لكون درعا تشتهر بمحاصيل الخضراوات أكثر من الفاكهة، حيث تزرع الأخيرة ولبعض الأنواع بمساحات صغيرة باستثناء الرمان. وبالنسبة لذبابة ثمار الفاكهة تنتشر في معظم الأراضي الزراعية، ومن أضرارها حدوث ثقب بقشرة الثمرة بواسطة آلية وضع البيض والذي يؤدي لدخول جراثيم الفطر والبكتيريا، وبالتالي تعفن الثمار تدريجياً وحدوث تساقط كبير للثمار المصابة. وتتميز الإصابة بهذه الحشرة بوجود مناطق رخوة في الثمرة تكون متخمرة، حيث يخرج سائل أو جزء من اللب عند الضغط باليد على هذا الجزء، وتتشوه الثمار بوجود الوخزات التي تتمثل بوجود بقع سمراء غامقة مع حلقة صفراء فاتحة حولها.

إجراءات مهمة
ولجهة طرق المكافحة المتكاملة لهذه الحشرة، أوضح الحشيش أنها تتمثل بجمع الثمار المصابة في كيس بلاستيك ويربط جيداً ويدفن في التربة لقتل ما فيها من يرقات وبيوض، والإسراع بقطاف الأصناف المبكرة والناضجة، وفلاحة وري الأرض لقتل العذارى الموجودة في التربة، وكذلك نشر المصائد الفرمونية لمراقبة بدء نشاط الآفة وعند ملاحظة بدء الاصطياد وكثافة الحشرات، يتم تعليق المصائد بواقع مصيدتين اثنتين في الدونم الواحد، إضافة لاستعمال المصائد الغذائية الجاذبة، ويمكن عند ازدياد كثافة الحشرات وضع أكوام قش بين الأشجار ورشها بالجاذب الغذائي مع مبيد حشري مناسب من دون الرش على الأشجار، علماً أن ذبابة الفاكهة تعيش متنقلة على مختلف ثمار الفاكهة على مدار العام، وتصيب الحمضيات المتأخرة النضج في شهري نيسان وأيار، ثم تنتقل بعدها إلى المشمش والدراق والصبار والتفاح.

غياب الرقابة يدفع البعض لتسويق منتجات مصابة من دون الاكتراث بأضرارها

ذبابة الفاكهة
رئيس دائرة الوقاية المهندس حسن الصمادي ذكر أن الحشرة التي تصيب ثمار التين والدراق والمشمش وغيرها هي ذبابة الفاكهة ذات الحجم الصغير المقارب لحجم ذباب الزيتون، وهي تضع بيوضها داخل الثمرة فلا تشاهد من الخارج وتفقس البيضة عن دودة لتبدأ بالتغذّي من الثمرة وتكبر، وعند فتح الثمرة تكون الدودة موجودة، وفي حال التأخر على الثمرة في القطف نلاحظ أن الدودة تتحول لذبابة وتطير خارج الثمرة، وتكون الثمرة من الداخل قد تعفنت.

فراشة درنات البطاطا
وبالنسبة للبطاطا، فتصيبها فراشة درنات البطاطا، وهي تنشط أثناء التخزين وتنتقل من الحقول إلى مناطق التخزين، حيث تضع الفراشة بيوضها على الثمار وتكون البيوض صغيرة جداً لا ترى بالعين المجردة، وعندما تصل للمخازن تفقس هذه البيوض عن دودة وتدخل الثمرة ولا تلاحظ ظاهرياً لأنها صغيرة جداً، وبعد فترة عند فتح حبات البطاطا تجدها مصابة ومتضررة.

من أهم الآفات
الصمادي لفت إلى أن ذبابة الفاكهة تعتبر من أهم آفات الفاكهة في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تهاجم اللوزيات ثم تنتقل إلى العنب والتين ثم تهاجم الحمضيات، وما يميز الحشرة قصر دورة حياتها في فصل الصيف، ونظراً لمهاجمتها للفواكه وقت النضج ينصح بعدم مكافحتها كيميائياً والاستعاضة عن ذلك بمكافحتها باستخدام المصائد الغذائية، علماً أن المواد الجاذبة (هيدروليزات البروتين ) متوافرة في دوائر الوقاية في القطر وتقدم مجاناً، حيث يعلق عدد مناسب من المصائد الغذائية بهدف مكافحة هذه الآفة، وبما أن ظهور الإصابة يحين عندما تبدأ الثمار بالنضج، فإن اليرقة تحفر في الثمرة تحت القشرة مباشرةً، ما يؤدي إلى تهتك هذا الجزء من الثمرة وتعفنه ثم تسقط الثمار المصابة بسهولة عن الأشجار، وتستمر اليرقات ضمن الثمرة حوالي أسبوعين ثم تخرج وتسقط إلى الأرض وتتعذر، ثم بعد ٥ إلى ٧ أيام تخرج الحشرة الكاملة، علماً أن للحشرة ٥ إلى ٨ أجيال في العام.

أيام حقلية
وذكر رئيس دائرة الإرشاد الزراعي أن أياماً حقلية في محافظات عدة بدأت تنفّذ حول الإدارة المتكاملة لمكافحة ذبابة الفاكهة، لما لهذه الآفة من مخاطر وتأثيرها على الثمار، مع التركيز على تطبيق المكافحة الميكانيكيـة والابتعاد عن المكافحة الكيميائية، وذلك عن طريق تعليق المصائد الفرمونية والشمعية والغذائية.
ولفت إلى أن دائرتي الوقاية والإرشاد في مديرية زراعة درعا على استعداد تام لتقديم كل أشكال الدعم والمشورة حول كيفية التعامل مع هذه الآفة والإدارة المتكاملة لمكافحتها للحد من إضرارها بالمحاصيل والإبقاء على جودتها بالمستويات المطلوبة للتسويق الداخلي والخارجي، وعدم فقد كميات منها، لأن الإصابة في حال تفاقمها تؤدي إلى تساقط الكثير من الثمار وتقلل الإنتاجية بشكل يوقع الفلاح بخسائر ليست بقليلة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار