تحسن طفيف في زراعة محصول القطن.. مدير مكتب القطن: الفلاحون يتوجهون إلى محاصيل بديلة أكثر جدوى اقتصادية.. وصنف جديد للتشجيع على الزراعة
تشرين – رحاب الإبراهيم:
لا تزال المساحات المزروعة بمحصول القطن رغم أهميته محدودة، وإن شهدت تحسناً طفيفاً هذا العام، لكن تكاليف زراعته المرتفعة ودورته الإنتاج الطويلة وشراهته للمياه، تجعل أغلب المزارعين يعزفون عن زراعته وتفضيل محاصيل أكثر جدوى اقتصادية، وهو ما يحصل في أغلب المحافظات وليس في محافظة حلب فقط، حتى مع المحاولات الحكومية المستمرة للتشجيع على زراعته عبر تأمين بعض مستلزمات الإنتاج بأسعار مخفضة كمازوت الفلاحة المدعوم، لكن يبدو أن هذا الخيار ليس متاحاً حالياً في ظل غلاء تكاليف الإنتاج والمعيشة.
“تشرين” استفسرت عن واقع إنتاج محصول القطن هذا العام، عبر لقاء بعض الجهات المسؤولة عن زراعته، حيث بيّن مدير مكتب القطن المهندس أحمد العلي أن محصول القطن هذا العام أفضل من العام الفائت، حيث خطط لزراعة الأراضي بهذا المحصول الاستراتيجي حسب الموارد المتاحة وحاجة وزارة الصناعة لزوم تشغيل معامل القطاع العام، التي تحتاج إلى 24 ألف طن شعر.
محاصيل بديلة
ولفت العلي إلى أنه خطط في موسم 2024 لزراعة 14 ألف هكتار في المناطق الآمنة، زرع منها 8722 هكتاراً، بزيادة قدرها 1500 هكتار عن العام الفائت، بينما بلغت نسبة تنفيذ الخطة 62%، مرجعاً السبب الرئيسي لعدم التقيد بالخطة إلى اتجاه الفلاحين إلى زراعة المحاصيل التكثيفية كالذرة الصفراء والجبس البذري والسمسم، عوضاً عن القطن بسبب دورة زراعته الطويلة، وغلاء مستلزمات الزراعة، إضافة إلى تكاليف اليد العاملة وصعوبة توافرها، وهذا يعرضهم للخسارة.
وبالمقابل، يشير العلي إلى أن زيادة المساحة المزروعة عن العام الفائت سببها زيادة تسعيرة القطن البالغة 10 آلاف ليرة للكيلو الواحد، حيث ترك للفلاح هامش ربح يقدر بـ30% بعد دراسة دقيقة للتكاليف، وتوقع صدور تسعيرة جديدة تقارب 12 ألفاً للكيلو خلال الفترة القادمة، حيث اعتبرها جيدة ستشجع الفلاحين على زراعة أراضيهم بهذا المحصول الاستراتيجي، متوقعاً إنتاج ما بين 20 إلى 21 ألف طن بشكل أولي.
مدير مكتب القطن: من المتوقع إنتاج ما بين 20 إلى 21 ألف طن بشكل أولي
صنف جديد
وبين مدير مكتب القطن أن ثقل زراعة محصول القطن يتركز في محافظة دير الزور بواقع 5946 ألف هكتار، تليها الرقة وريف دمشق ثم حلب والغاب، ولفت إلى أن كل محافظة يخصص لها صنف معين حسب التربة والظروف المناخية، فمثلاً دير الزور يناسب أرضها صنف دير الزور 22، وأراضي الحسكة تزرع بـصنف حلب 9، والأراضي بريف حلب تزرع بصنف حلب ١١٨، مشيراً إلى استنباط البحوث الزراعية أصنافاً جديدة كصنف قطن 1 المخصص للزراعة في مدينتي حلب وحماة، حيث يتميز بغزارة الإنتاج والمواصفات التكنولوجية العالية للشعر وقصر دورته الزراعية،
ولفت العلي إلى السعي لتأمين كل احتياجات الفلاحين اللازمة لزراعة القطن وتسويقه، كمازوت الفلاحة مع توجيه المصارف لتأمين الشلول من أجل تعبئة المحصول وتسليمه إلى المحالج، التي فتحت أبوابها لاستقبال المحصول من الفلاحين.
وعند سؤاله عن وجود خطة بديلة لاستثمار كل الأراضي في المناطق الآمنة بغية تغطية احتياجات معامل القطاع الخاص قدر الإمكان بدل اللجوء إلى الاستيراد، شدد مدير مكتب القطن على أن خطة زراعة هذا المحصول تكون حسب الموارد المائية المتاحة، إذ تمنع الزراعة على الآبار لاحتياج محصول القطن إلى كمية كبيرة من المياه والحفاظ على الثروة المائية، لذا يخطط لزراعة القطن على المشاريع الحكومية أو الأنهار أو الينابيع، مبنياً أنه عند تأمين حاجة القطاع العام، يمنح الفائض إلى معامل القطاع الخاص.
مقترحات داعمة
وبين العلي أن الحكومة تدعم زراعة محصول القطن وفق طرق الري الحديثة، لذا عند تطبيق هذه الطريقة في سهول حلب الجنوبية، سيتم اعتماد خطة للتوسع في زراعته في هذه المنطقة الهامة، علماً أن زراعة هذا المحصول في ازدياد منذ تحرير المناطق في مدينة حلب وغيرها، ففي كل عام تزداد المساحة المزروعة، التي ستتسع حتماً عند زيادة التسعيرة وتشجيع الفلاحين على العودة إلى زراعة هذا المحصول، مشيراً إلى تقديم مكتب القطن مقترحات لتحقيق هذه الغاية، عبر دراسة طريقة دعم مناسبة لمساعدة الفلاحين وتقليل تكاليف الإنتاج عند زراعة المحاصيل الاستراتيجية وتحديداً القمح والقطن، الذي يصر فلاحون كثر على زراعتهما رغم تعرضهم للخسارة.
إنتاج ضعيف
رئيس اتحاد الفلاحين بحلب أحمد كله خيري أكد أن المساحة المخططة على مستوى المحافظة لزراعة محصول القطن في محافظة حلب بلغت 3250 هكتاراً، لكن المساحة المنفذة بلغت 451 هكتاراً فقط، مع توقعات بإنتاج 1125 طناً، وهي نسبة قليلة جداً.
رئيس اتحاد الفلاحين بحلب: ضرورة إعادة النظر في التسعيرة والتوجه إلى الري الحديث
وأرجع خيري السبب في إنتاج محصول القطن القليل بحلب إلى تكاليف مستلزمات الإنتاج المرتفعة، وعزوف الفلاحين عن زراعته، كونه محصولاً وحيد الدورة، فمن يزرع أرضه بالقطن لا يقدر على زراعتها بمحاصيل أخرى، كما يحصل عند الزراعة بمحصول القمح، حيث يمكن للفلاح الزراعة بمحصول آخر عند الانتهاء من حصاده وتسويقه، خلافاً للقطن، الذي يزرع في بداية شهر نيسان ويبدأ قطافه في شهر أيلول، ما يعرض الفلاح للخسارة، وهذا اضطره إلى الانتقال لمحاصيل أخرى أقل تكلفة وأكثر جدوى اقتصادية كالجبس البذري والسمسم.
التوجه إلى الري الحديث
ولفت خيري إلى أن شراهة القطن إلى المياه تعد عاملاً إضافياً لانخفاض المساحات المزروعة، مشجعاً الفلاحين على التوجه إلى الري الحديث، حيث يعد مشروعاً رائداً والوسيلة الأقل تكلفة والأسلم للتربة، مبيناً أن عدداً من الفلاحين باشروا بتطبيق هذه التقنية في سهول حلب الجنوبية ومنطقة السفيرة.
وأشار خيري إلى وجود مشاريع عملاقة في ريف حلب في مسكنة غرب ومسكنة شرق، لكن التخريب الممنهج للمجموعات الإرهابية وخاصة لقنوات الري أثّر على القطاع الزراعي سلباً، ويتم العمل بالتدريج على تأهيل وصيانة هذه الأقنية الضرورية لري المحاصيل، حيث نظمت مبادرة بالتعاون بين اتحاد الفلاحين العام والأهالي لصيانة الأقنية في مسكنة غرب وشرق ومنشأة الأسد عبر جمع مبلغ 500 ألف لتحقيق هذه الغاية الضرورية، في مبادرة شعبية متمنياً تعميمها في كل المناطق.
تسعيرة مشجعة
وشدد رئيس اتحاد الفلاحين بحلب على أن الدولة تدعم فلاحي القطن ضمن الإمكانات المتاحة عبر المساهمة بتأمين مازوت الفلاحة بالسعر المدعوم، مطالباً بإعادة النظر في تسعيرة القطن للتشجيع على زراعته، علماً أنه طلب من الاتحاد بحلب إعداد دراسة فيما يتعلق بالري على المشاريع الحكومية والري على الآبار، وبناء على تكاليف الإنتاج قدرت التسعيرة بـ9500 بالنسبة للري على المشاريع الحكومية و11 ألفاً للري على الآبار، وقد رفعت الدراسة إلى الاتحاد العام للفلاحين، الذي سيرفعها بدوره إلى الحكومة تمهيداً لإصدار تسعيرة جديدة لمحصول القطن، كما أن تسعيرة الشلول لم تصدر حتى الآن، علماً أن عدد الشلول المطلوبة تبلغ 7000 شل، مبيناً أن محلج تشرين يعد المحلج الوحيد في مدينة حلب لتسويق محصول القطن، الذي بُدئ فيه منذ 15 أيلول الجاري بناء على قرار اللجنة الزراعية الفرعية.
ت- صهيب عمراية