كيان الاحتلال يوسّع حرب الإبادة بإسناد أميركي.. نقل ثقل الصراع إلى الضفة ومساعٍ بائسة ‏لربطها بمفاوضات غزة وفرض وقائع جديدة ‏

تشرين- هبا علي أحمد:‏

يوسع كيان الاحتلال الإسرائيلي من مسلسله الإرهابي- الإجرامي، ناقلاً بذلك ثقل الصراع ‏ومسرح الأحداث وربما الإبادة الجماعية من قطاع غزة المُحاصر إلى الضفة الغربية المحتلة ‏والأغوار، إلا أن إطلاقه العملية العسكرية في الضفة تحت مسمى «المخيمات الصيفية» لا ‏يعني إيقاف العدوان على غزة، بقدر ما يعني أن العدو يعمد إلى سلسلة واسعة من التصعيد ‏المتعدد المستويات لفرض وقائع جديدة على مستوى الضفة لـ«إخضاعها» وضمّها، لاسيما أن ‏الضفة تمثل عنصر ردع لكيان الاحتلال وبيئة مقاوِمة وجاهزة للانفجار والانتفاضة في أي ‏لحظة، فعلى مدار العدوان على غزة بقيت الضفة عامل قلق للكيان ومثار تساؤلات حول لحظة ‏الانفجار.‏

الاحتلال الإسرائيلي يسعى لنقل ثقل الصراع إلى الضفة المحتلة في محاولةٍ لفرض وقائع ‏ميدانية جديدة تهدف إلى إخضاع الضفة وضمّها

مجريات الحدث ‏
أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليةً عسكرية واسعة في جنين وطولكرم وطوباس في ‏الضفة الغربية، ما أدّى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وجرح عدد آخر، إضافة إلى فرض حصار ‏على المستشفيات لمنع وصول الجرحى إليها، وكشف إعلام العدو أنّ مواكبةً جوّية كبيرة ‏تُرافق الجيش في عمليته التي تشمل مخيمي جنين ونور شمس بموازاة عملية في مخيم ‏الفارعة في طوباس، لافتة إلى أنّ العملية العسكرية في الضفة الغربية هي الأوسع منذ 22 ‏سنة، حيث جرى فرز آلاف الجنود لتنفيذ العملية ومن المتوقع أن تطول أياماً عديدة.‏
ورداً على العدوان الإسرائيلي على الضفة، أطلقت«سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة ‌‏«الجهاد الإسلامي» في فلسطين، معركة «رعب المخيمات» خاضت خلالها سلسلة من ‏الاشتباكات العنيفة مع قوات الاحتلال، ونفذت عمليات حققت إصابات مؤكدة في صفوف ‏قوات جيش الاحتلال المختلفة التي تشارك في العدوان الواسع.‏

الضفة الغربية تمثل عنصر ردع للكيان وبيئة مقاوِمة وجاهزة للانتفاضة في أي لحظة ‏وتشكل عامل قلق دائم للاحتلال

وأكدت في بيان لها أن العدو الإسرائيلي من خلال عمليته في الضفة يبحث عن صورة «نصر» ‏بعد فشله على مدى 10 أشهر في مواجهة مقاتلي شعبنا في قطاع غزّة والضفة، لافتة إلى أنّ ‏الاحتلال الإسرائيلي المجرم يشنّ عدواناً شاملاً على مدن شمال الضفة ومخيماتها في حربٍ ‏مفتوحة وغير مُعلنة، ويسعى إلى نقل ثقل الصراع إلى الضفة المحتلة في محاولةٍ لفرض ‏وقائع ميدانية جديدة تهدف إلى إخضاع الضفة وضمّها، مشيرة إلى أنّ الحملة العسكرية ‏الواسعة تأتي في سياق مخططات العدو لفرض السيطرة على مدينة القدس والمسجد الأقصى ‏المبارك.‏
بدورها، أكدت الرئاسة الفلسطينية أن الحرب الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية على ‏مدن وقرى ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس وغيرها من المدن الفلسطينية، إلى جانب حرب ‏الإبادة في قطاع غزة، ستؤدي إلى نتائج وخيمة وخطرة سيدفع ثمنها الجميع، مؤكدة أنها ‏تصعيد خطر تتحمل مسؤوليته سلطات الاحتلال والجانب الأميركي، مطالبة العالم بالتحرك ‏الفوري والعاجل للجم هذه الحكومة المتطرفة، التي تشكل خطراً على استقرار المنطقة والعالم ‏أجمع.‏

استمرار حملة الإبادة وانتهاكات الاحتلال يستند إلى دعم سياسي وعسكري مطلق من الإدارة ‏الأميركية وعواصم غربية

من جهتها، قالت «حماس»: إن العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة محاولة لتنفيذ ‏مخططات حكومة المتطرفين الصهاينة وتوسيع لحرب الإبادة الوحشية القائمة في غزة، ‏لتشمل مدن وبلدات الضفة المحتلة، مؤكدة أن استمرار حملة الإبادة وانتهاكات الاحتلال يستند إ‏لى دعم سياسي وعسكري مطلق من الإدارة الأميركية وعواصم غربية. ‏
في حين حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من تداعيات حصار الاحتلال لمستشفيات جنين ‏وطولكرم في الضفة الغربية وتهديداته باقتحامها، وقالت: عشرات المرضى يعالَجون في هذه ‏الأثناء داخل مستشفيات جنين الحكومية والأهلية والخاصة، وأن أي اقتحام لها هو تهديد مباشر ‏لحياتهم وحياة الطواقم الطبية.‏

ما وراء العدوان على الضفة
العدوان الإسرائيلي على الضفة لا يأتي خارج السياق بل كان متوقعاً، إذ يرمي الكيان إلى أن ‏تكون «الحرب على كل شيء»، وهو ما صرح به وزير خارجيته يسرائيل كاتس، وهذا واضح ‏بالنظر إلى مجريات المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة والإصرار الإسرائيلي على ‏عرقلتها، وبالنظر أيضاً إلى الفشل في تحقيق أي مُنجز في غزة وعلى نحوٍ خاص «القضاء» ‏على المقاومة.

الكيان يسعى بعدوانه على الضفة لفرض عوامل ضغط جديدة على المقاومة في سياق ‏المفاوضات وربط الضفة بغزة والحصول على «تنازلات» ‏

من هنا يأتي العدوان على الضفة في الوقت المناسب للكيان، بغرض محاولة ‏الالتفاف على مجريات المفاوضات بخصوص وقف إطلاق النار في غزة، وإضافة عوامل ‏ضغط جديدة على المقاومة الفلسطينية، بمعنى فرض وقائع جديدة، وربط الضفة بغزة، وإدخال ‏شروط جديدة في سياق المفاوضات ترتبط بالضفة، أي تعقيد المشهد وتصعيده بشكل يأمل بعده ‏الكيان بالحصول على «تنازلات» من المقاومة في سياق المفاوضات والقبول بـ«شروط» ‏الكيان حول معبر رفح ومحوري «فيلادليفيا» و«نتساريم»، ومن جهة أخرى فإن في خلفيات ‏المشهد تأخير زمن الهزيمة قدر الإمكان، مع التذكير بأنها هزيمة مزدوجة أميركية-‏ إسرائيلية، لذلك ليس مُستبعداً أن يكون العدوان على الضفة أتى بعد ضوء أخضر من ‏واشنطن، ولاسيما أن العدوان يأتي غداة انتهاء زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية ‏تشارلز براون إلى المنطقة، وإن بدا أن واشنطن مُرتاحة نسبياً لـ«انحسار موجة التصعيد» ‏على حدود فلسطين المحتلة مع لبنان، كما أن العدوان على الضفة حاجة إسرائيلية لتخفيف الضغوط التي ‏يتعرض لها الكيان على جبهة غزة وعلى جبهة الإسناد اللبنانية، إضافة إلى العراق واليمن، ‏ناهيك عن الانتظار القائم لـ«الرد» الإيراني المرتقب.‏
إلى ذلك كبّدت المقاومة الفلسطينية جيش الاحتلال خسائر جديدة في المعارك في قطاع غزة، حيث قتل ‏جندي من لواء «النخبة» في القتال جنوب قطاع غزة، وذكرت وسائل إعلام العدو أنّ الجندي ‏القتيل هو عميت فريدمان في الكتيبة 932 في لواء النخبة «ناحال»، وقد قتل في المعارك ‏الدائرة جنوب قطاع غزة. ‏
وبذلك، تصل خسائر العدو الإسرائيلي منذ بداية «طوفان الأقصى» إلى 703 جنود، قتل منهم ‌‏339 منذ بداية المعارك البرية في القطاع، وفق المعطيات التي سمح جيش الاحتلال بنشرها.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار