تطويع التضاريس
بالرغم من جمالها الأخّاذ، لا يمكن وصف التضاريس التي يتشكّل منها وادي اليرموك في الريف الغربي من محافظة درعا إلّا بالصعبة، حيث تجد معظم سفوحه ذات صخور متراصّة شديدة الانحدار، بينما تتسلسل المياه العذبة من بين شقوقها، فتبعث على نمو نبات “الزّلّ” أو القصب بكثافة، وبالتقائها وتجمعها، ترتسم جداول الماء على مجرى النهر الذي “يخدق” متعرجاً في أحضان سرير الوادي.
لكن هذا الوادي لا يخلو من وجود مساحات جيدة من الأراضي المنبسطة، والتي أكثرها يمتد في قاعه، وأقلها على بعض سفوحه المتدرجة، وهي مساحات تتم زراعتها بالخضار الباكورية، وكذلك الصيفية، كما يكتسي جزء ليس بقليل منها بأشجار الرمان والليمون والزيتون وغيرها.
وحتى نساعد الفلاحين في الوصول إلى أراضيهم وتنفيذ العمليات الزراعية المطلوبة بالجرارات، ينبغي أن تكون الطرقات المؤدية إليها مناسبة، وذلك لا يتحقق إلّا من خلال القيام بعمليات تعزيل دورية لتلك الطرقات من الأتربة والحجارة التي تتساقط بين الحين والآخر من السفوح وتتراكم على قارعتها، لتسليك وتسهيل عملية المرور عليها انحداراً وصعوداً بعيداً عن أي مخاطر محتملة كانزلاق الجرارات والشاحنات الزراعية.
ولا تقل أهميةً الحاجة لإزالة نبات “الزّلّ” والأعشاب التي تنمو بشكل طبيعي في محيط مضخات مياه الشرب المتوضّعة في عدة مواقع من سفح الوادي، وذلك كإجراء احترازي يجنّب وصول النيران، في حال اندلاعها، إلى تلك المضخات التي تروي العديد من التجمعات السكانية ومنع الإضرار بها، وخاصة أن حرائق عدة يتكرر حدوثها في صيف كل عام، وغالباً ما تستدعي استنفار مختلف الجهات ذات العلاقة وبذلها جهوداً كبيرة وسط التضاريس الصعبة حتى يتم إخمادها وتبريدها قبل بلوغها المضخات.
وهناك قيمة مضافة أيضاً من تطويع التضاريس، تتمثّل بتسهيل السياحة الشعبية التي تنشط على أكتاف الوادي وفي سريره، على أمل رسم الخطط اللازمة وتسريع الخطا لتنفيذها.