إدمان “السوشيال ميديا”
بعيداً عن مدى الأثر الإيجابي لقطع الإنترنت على الامتحانات العامة، والأثر السلبي بتعطل بعض المصالح المرتبطة بهذه الخدمة الحيوية، طفت للسطح منفعة اجتماعية من دون أن تكون هدفاً مقصوداً في السياق.
تجلّت المنفعة أثناء غياب الإنترنت في الصباح بإدراكنا ولأول مرة منذ مدة طويلة أننا محاطون بأفراد أسرنا، نتجاذب وإياهم سوية أطراف الحديث المُحلّى بدعابات لطيفة، تروّح عن النفس وتبعث في المرء طاقة إيجابية محفّزة للإقبال على الحياة بمزيد من التفاؤل.
لا بل ونناقش فيما بيننا وبتأنٍ شديد بعضاً من شؤون حياتنا التي لطالما تجاهلناها أو أجلنا النظر فيها والتباحث حولها، بعد أن كان كل منّا منشغل لا متسع لديه لتناولها بروّية، وإن كان بعضها طارئاً ولا بد من التطرق إليه، كنا نأتي عليه بعجالة أثناء تناول الطعام أو ارتداء الثياب، أو ونحن نهمّ بالخروج من المنزل.
نعم مع توقف الإنترنت بدا جميع أفراد الأسرة وعلى غير عادتهم طبيعيين، لا يتقلب مزاجهم فجأة من الهدوء إلى الانفعال، ومن الابتسامة إلى العبوس أو بالعكس، بالرغم من عدم حدوث أي طارئ يُولّد مثل تلك السلوكيات غير المتجانسة في البيت.
لقد فرض قطع الإنترنت في سبيل ضبط الامتحانات ومنع تسريب الأسئلة، ابتعاداً قسرياً عن “السوشيال ميديا”. هذا العالم المتزاحم بأحداث ومعطيات تموج بين الغثّ والسمين، والتي قد لا يتوفر لبعضنا الوعي والإدراك الكافي لننهل منها ما ينفعنا ونقصي ما يضرنا.
إن قطع الإنترنت لوقت محدود يومياً لن يدوم كما هو معلوم وسينتهي بختام الامتحانات، لكن هل نعتبره بمنزلة تجربة أو تدريب لتقليل إدماننا على “السوشيال ميديا”، فنقوم بإرادتنا بفصل الإنترنت من تلقاء أنفسنا لبعض الوقت يومياً، ونلتفت قليلاً لشؤون وشجون حياتنا وأسرنا؟
آمل ذلك، وإن كنت أشك في حدوثه لدى معظمنا.