يعود المبعوث الأميركي آموس هوكشتين إلى لبنان اليوم، فواشنطن لا تسعى لهدنة فقط على جبهة غزة، بل على الجبهة اللبنانية أيضاً، وهي تسعى لتحقيق كلا الهدنتين قبل حلول شهر رمضان المرتقب في الـ11 من آذار الجاري.
ولكن حتى الآن لا يبدو أن هذا المسعى قابل للتحقق، رغم كل ما يُقال عن تفاؤل بزيارة هوكشتين الحالية.. وإذا ما كانت واشنطن تربط كلا الجبهتين، وتالياً كلا الهدنتين، فإن ما يجري على إحداهما سينعكس حكماً على الأخرى.. وإذا كانت مفاوضات القاهرة الحالية حول الهدنة على جبهة غزة متعثرة، فهذا سينعكس بدوره على جبهة لبنان، لأن ما تريده غزة وأهلها ومقاومتها هو ما تريده جبهة لبنان وبقية الجبهات المساندة لغزة بمواجهة العدوان الإسرائيلي الذي سيدخل بعد أيام قليلة شهراً سادساً بحصيلة ضحايا تجاوزت الـ30 ألفاً من الفلسطينيين، وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين، ومثلهم من النازحين الذين تحاصرهم مجاعة تتوسع وتتعمق في ظل استعصاء معضلة المساعدات الإنسانية وسبل إيصالها إليهم.
كثيرون اعتبروا أن عودة هوكشتين مرتبطة على الأكيد بتقدم تم إحرازه في مفاوضات القاهرة، رغم إن كل التصريحات حولها- حتى الآن- لا توحي بتقدم، إلا إذا كان الهدف هو عدم استباق النتائج النهائية، والانتظار لحين الاتفاق على كامل البنود/المطالب، والتي هي متعارضة بشكل كبير جداً لدرجة يبدو معها الاتفاق مستحيلاً من دون تنازلات.. أو إن واشنطن ستمارس في الأيام المقبلة ضغوطاً متزايدة على الكيان الإسرائيلي في سبيل التوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في واشنطن «ينتقل بعدها إلى بريطانيا قبل أن يعود الأربعاء إلى الكيان»، علماً أن الزيارة لا تتعلق بالهدنة فقط، بل بما يُقال عن استفحال الخلافات بين إدارة الرئيس جو بايدن وبين متزعم حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، حيث إن غانتس يمكن أن يحل مكانه إذا ما كانت مباحثاته مع المسؤولين الأميركيين إيجابية لناحية الهدنة من جهة، ولناحية «اليوم التالي ما بعد الحرب» من جهة ثانية.
وعليه.. يُقال بأن التفاؤل ينبع من نتائج زيارة غانتس إلى واشنطن، على فرض أنه «أقل تشدداً»، بمعنى أن مرحلة ما بعد نتنياهو قد تبدأ قريباً، ومع غانتس فإن الكيان سيكون أكثر استعداداً للتنازل في سبيل الوصول إلى اتفاق هدنة وتبادل الأسرى والمحتجزين.
طبعاً هذا الرأي مصدره أن استمرار العدوان على غزة مرتبط بشكل رئيسي بأطماع نتنياهو السياسية ورغبته في الاستمرار بمنصبه (تلافياً للمحاكمة والسجن)، فإذا ما تم تحييد نتنياهو فإن اتفاق الهدنة سيكون في متناول اليد وقبل حلول شهر رمضان.
ولكن هذا الاتفاق ليس نهاية المطاف، بل ما سيأتي بعد أن ينتهي اتفاق الهدنة، في حال التوصل إليه، والذي مدته ستة أسابيع حسب المُعلن، هل سيجدد الكيان عدوانه على غزة، كما يهدد جميع متزعمي الكيان، وليس نتنياهو فقط؟
هذه الأسابيع الستة لن تكون للهدنة فقط بل سيتخللها الكثير من العمل أميركياً وإسرائيلياً على ما هو مُبيت لغزة وأهلها «وللجبهات المساندة»، وهو ما يجب التركيز عليه إذا ما افترضنا أن مفاوضات القاهرة، وهوكشتين في بيروت، ستصل إلى خواتيمها لنشهد إعلان اتفاق هدنة خلال الأيام القليلة المقبلة.
مها سلطان
57 المشاركات