لم يكتفِ كيان الاحتلال الإسرائيلي بالإبادة الجماعية التي مارسها ويمارسها في غزة على مرأى العالم، بل شهيته لدماء الأطفال والنساء والشباب والشيوخ لم ترتوِ بعد، وكذلك شهية الولايات المتحدة الأمريكية التي تُظهر عكس ما تُضمر، فلا عدوان صهيوني إلا بضوء أخضر أمريكي، وإن تباينت الآراء قليلاً، فكلاهما، أميركا والكيان، يبحث عن ضمانات تتوافق ووضعه السياسي الداخلي على وجه الخصوص.
يدور الحديث اليوم عن عملية عسكرية في رفح جنوب قطاع غزة، ورغم التسويفات فإن الكيان الصهيوني استبقها بحملة جوية ترتفع معها أعداد الشهداء والمهجرين والنازحين، في خطة ممنهجة لتهجير ما يمكن تهجيره وإفراغ رفح قبل أي عملية عسكرية، إذ يعتقد كيان الاحتلال أنه بذلك يمكن أن يقدم صورة «إنجاز» يبحث عنه بعد فشله في شمال غزة، كما إن الاحتلال – إذ يعمد على مواصلة عدوانه – فهو يسعى لإنتاج واقع يفرض شروطه السياسية والعسكرية في مستقبل غزة السياسي والأمني الذي يتمّ تباحثه، ومن ثمّ يُصار إلى التنصل من أي التزامات تُلقى على عاتقه في أي مفاوضات، رغم أن الكيان لا يلتزم أساساً وهو لم يلتزم بكل القرارات والقوانين الدولية بما يخص القضية الفلسطينية ولم يكن بمقدور أحد إلزامه، لكن الاستماتة اليوم بمواصلة عدوانه تنطلق أساساً من اليد العليا للمقاومة التي وجّهت هزيمة غير مسبوقة للكيان منذ نشأته، وأرست واقعاً ميدانياً جديداً في فلسطين تسري تبعاته على عموم المنطقة باعتبار المعركة واحدة، بما يرتدّ وبصورة مباشرة على كيان الاحتلال.. وبذلك يوهم العدو نفسه أن بإمكانه أن يجد في رفح ضالته.
كما يدور الحديث ربطاً بما سبق ذكره عن اتفاقية «كامب ديفيد» بين مصر وكيان الاحتلال، ووضعها في طور التهديد في حال أقدم الاحتلال على عمليته في رفح، ما يدفع للتساؤل، هل تفعلها مصر فعلاً وتلغي الاتفاقية سيئة الصيت؟
بات واضحاً أن «إسرائيل» وعلى نحوٍ خاص رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يبحث عن نجاته سياسياً مع استمرار التحكم في قطاع غزة وعدم التسليم لوقائع الميدان، في حين تبحث أمريكا عن كل ما يضمن أن تمرّ فترتها الانتخابية بهدوء دولي رغم ما تشهده داخلياً من تأزم سياسي ومجتمعي.
هبا علي أحمد
325 المشاركات