غزة تبكي دماً
(قلنا فيها أمان، هذي المشفى قعدنا فيها).. هذا ما روته ناجية من مجزرة مشفى المعمداني في الأمس، تلك المشفى التي أبت صواريخ الغدر إلا أن تدمرها على رؤوس مَن بداخلها مِن المرضى الذين يكابدون الأمراض ويقارعون المرض للبقاء على قيد الحياة، ومن الكوادر الطبية، وحتى اللاجئين إليها هرباً وذعراً من إجرام الكيان الصهيوني الغادر.
نعم إنها ليست المجزرة الوحيدة في تاريخ الكيان الغاصب، فقد اعتدنا إرهابه، لكنها الأبشع في تاريخ البشرية، ووصمة عار على جبين الإنسانية، وجبين كل ساكت عن الحقّ وعن جرائم وطغيان هذا الكيان وعربداته المتكررة بحق الأبرياء بعد أن اغتصب أرضهم وحقهم في العيش، فما حدث في الأمس يجب أن يهز ضمير الإنسانية جمعاء..
مرضى قصدوا المستشفى للعلاج من أمراضهم، فخرجوا منها أشلاء بصواريخ الغدر، فهل يوجد أبشع من جريمة كهذه ؟
ما قبل مجزرة مشفى المعمدان ليس كما بعدها، وما يجري لأهلنا في غزة يجب أن يوقظ الضمير النائم لدى من يدّعون الإنسانية والديمقراطية في كل خطاب لهم، وهم أبعد ما يكونون عنهما، فالإنسانية المزعومة انكشف زيفها مع صمت مدعيها منذ أول اعتداء نفذه العدو الغاشم على أهلنا الصامدين في غزة وفي فلسطين أجمع، وعلى مرأى العالم وصمته وشعاراته الفارغة، ارتكب أفظع وأبشع الجرائم التي يندى لها الجبين والتي يمكن أن تشهدها البشرية جمعاء وعلى مر التاريخ، وسط صمت رهيب، وربما مباركة ممن يتعاملون مع هذا الكيان الغاصب على أنه الابن المدلّل الذي لا ترفض له رغبة.!
السكوت عما جرى في الأمس يضاهي الجريمة التي ارتكبها كيان الاحتلال الصهيوني، وهي ليست جريمة حرب فقط، بل تجرّد من الإنسانية في أبشع صوره, واليوم بات العرب على المحكّ، وعلى كل من لديه ذرة ضمير أن يتحرك لإنقاذ أهلنا في غزة الجريحة، غزة المكلومة، التي تبكي دماً، ليس بجراحها وآلامها فقط وما يرتكب بحق أهلها من جرائم تعجز عن وصفها كل معاجم التاريخ، بل بتخاذل البعض عن مناصرتها، إذ أمام هول الفاجعة كاد الحجر أن ينطق، فهل سيصحو شيء من الضمير؟ ربما..!