تفاؤل رغم التحديات
ليس من الحكمة إطلاق أحكام مسبقة على نتائج القمة العربية في المنامة اليوم، ولا قراءة المقدّمات إلا من خلال متوالية المستجدّات ” القاهرة” وحمامات الدّم في غزّة، وهي على الرّغم من قسوتها إلا أنها ليست استثناءً في سياق التحديات التي تواجه القمم العربية سنوياً، بما أن في كل عام تكون ثمة حالة طارئة أو حدث جسيم يفرض نفسه على جدول أعمال القمة وما يسبقها من اجتماعات مجالس ومندوبين.
وعلى الرغم من الأجواء المتوتّرة إقليمياً، إلا أننا لا نملك إلا أن نتفاءل – ولو قليلاً – بالحلحلة النسبية على مستوى العلاقات العربيّة – العربية، وعودة التوازن إلى “حدث القمة” مع عودة سورية للمشاركة في العام المنصرم وفي هذا العام، وما رافق ذلك من مرونة أكثر في المشهد العام في السياسة ثم في الاقتصاد ومتعلقاته من مرافق وخدمات ولاسيما على مستوى النقل الجوي، وقد لحظنا في اليومين الماضيين تطورات مشجعة في هذا الإطار فيما يخص مرفق النقل الجوي بين سورية وكل من السعودية والبحرين، وهذه معطيات من الحكمة قراءتها في سياق غير مجرّد بما أن السياسة كانت قد أسفرت عن قرارات اقتصادية سابقة باتجاه واحد، والسياسة هي ما يفضي إلى الاستدراكات الجارية اليوم في المضمار الاقتصادي ومتعلقاته.
ولعل حضور الرئيس الأسد ومشاركته في اجتماع القمة العربيّة اليوم، من أهم المثقلات التي يتعاطى معها المراقبون والمحللون في قراءة الحدث، فلسورية وزنها الإقليمي الذي لا يمكن تجاهله، ولها موقفها الاستراتيجي القومي العروبي الذي تتمسك به دوماً وتجدد تمسكها في كل مناسبة، وقد كان في حديث الرئيس الأسد مؤخراً أمام اجتماع اللجنة المركزية الموسّع لحزب البعث، إشارات كافية ووافية لتأكيد مواقف سورية من القضية الفلسطينية والمقاومة ومناهضة المشروع الصهيوني… بهذه الثوابت الواضحة تشارك سورية بوزنها النوعي في القمة العربية، لعلها تكون العامل المرجّح لاجتماع العرب على موقف واضح وصريح من القضايا المصيرية والتحديات الحقيقية التي لا تستثني بلداً عربياً واحداً.
دوماً كانت سورية صاحبة اليد الممدودة للمصافحة مع كل الأشقاء، ودوماً كانت صاحبة المبادرات الخلّاقة لتعزيز التضامن العربي والعمل العربي المشترك، وهي الرؤيا الاستراتيجية التي تنطلق منها في التعاطي مع البعد القومي العربي في علاقاتها كأولوية أمست بدهية بالنسبة للشارع كما الزعماء العرب.