«الدلال والدلع» خلقا في ديارنا، واعتدنا تطبيقهما كسلوك مع أولادنا وأحّتنا، وإن كان للزوجة النصيب الأكبر من الملاطفة والدلال، لكنها أفعال منقوصة يلزمها التأكيد والبرهان، ومصداقيتها لا يعلمها سوى قلب الزوج والله، أما محبتنا ودلالنا لأطفالنا فهي محبة جليّة لا شكوك فيها، تبدأ منذ صرختهم الأولى، وربما قبل، والاسم لابد سيكون له اسم غنج ودلال، ولا فرق في «التدليع» الاسمي بين البنت والولد.
وحمودة وحمادة وبرهوم وحسون وخلّو.. أسماء متداولة لأولادنا الذكور حتى لو صاروا شباباً، وعرضت أكتافهم، واخشوشن صوتهم، وأصبحوا آباء، أما الإناث فصيغ المبالغة والتفخيم تليق بغنجهن، وهي شائعة جداً، ولولو وفوفو وجوجو وشوشو وديدي… أسماء مهضومة ومطلوبة حتى لو صارت الأنثى (مدام) أو (تيتا) لديها أحفاد، فهي المتقبلة دائما لفكرة إثبات أنها مازالت صغيرة، وتجاعيد وجهها ليست دلالة عمرية، وإنما هي حركات تعبيرية مبالغاً فيها من العضلات.
والدلال الاسمي ممكن أن تسمعه أيضاً في سوق «الهال»، والباعة يسوّقون لخضارهم وفواكههم بأجمل الأقوال، «فالباذنجان أسود، ومن سواده الناطورهرب، والبطيخ الأصفر خوابي عسل وبقلاوة، ومزاوية وحلوة الصبارة، وأصابيع الببو الخيار، والعوجة أول فواكه الشام (هليون) هالعوجة، والشوندر استوى وللسعلة دوا، ولا تشلحوا بيشلح لحاله الدراق».
واستعارات كهذه، لم تغب عن نظر الحكومة، واستثمرتها خير استثمار، واستعانت بفعل الدلال الاسمي واللفظي في محاكاتها للمواطن، فاسمه(مكلّف أو موكّل) في دار القضاء ومكاتب المحاماة، و(عميل) عند شركة الاتصالات، وعند الطبيب (حالة)، و(زبون) في «السوبر ماركت» ومحال الألبسة والأحذية والدكان، و(مُشترك) عند شركة المياه والكهرباء.
دلالٌ يفقهه علماء الاجتماع، ويشرّعه «فرويد وبافلوف وابن خلدون والفارابي».. ومعهم «روبرت غوين» أحد أهم الكتّاب الذين اكتفوا في قواعدهم برقمٍ ما وكأنه اختصر آخر قاعدتين رغبة واختياراً، وهو ملك السطوة والاستحواذ، كي لا يجاري كتب البسطة المعنونة بأرقام (تعلم قواعد اللغة بعشرة أيام..!!).
بينما، نحن، تلبي آمالنا وطموحنا قاعدةٌ واحدة تنفي مناداتنا بصفة الماضي، ونحن على قيد الحياة!.
وصال سلوم
71 المشاركات
قد يعجبك ايضا