غضّ الطرف!
سألته إحدى الجارات: لماذا تبقي محلك مغلقاً إلى ساعات ما بعد الظهر، فنضطر صباحاً للتوجه إلى محلٍ آخر، فأجابها: هرباً من عناصر الرقابة، ليس خوفاً من وجود مخالفة لدي، ولكننا اعتدنا «كبساتهم» الصباحية، ولا يذهبون حتى لو لم يجدوا مخالفة إلا بعد أن “يصدعون رؤوسنا”..
في مكان آخر، يقول أحدهم لصاحب قديم التقاه مصادفةً: تركت زوجتي وأولادي في محافظتي، وعدت لعملي السابق مراقباً على الأسواق لأنني “كدت أختنق” حين انتقلت إلى مكان عمل آخر.
ما يحصل في الأسواق يثير الكثير من الحنق بشأن ما يقوم به بعض عناصر الرقابة الذين باتوا عبئاً على الأسواق، ففي حال تقاضوا من التاجر ثمن «غضّ البصر» عن مخالفة ما، فإنه سيزيد سعر مواده حتى يعوّض ما دفعه لهم، وهو ضامن سكوتهم عن رفع أسعاره، وفي النتيجة المواطن هو مَنْ يدفع الثمن.
والغريب أكثر أنهم عندما يقومون بجولاتهم على الأسواق تراهم يتغاضون عن مخالفات كبيرة لتجار وأصحاب محال افترشوا الرصيف أمام محالهم، وعرقلوا سير المارة بالبضائع، و«يتلبّسون» صاحب بسطة قد لا تكون بضائعه مخالفة كبضائع صاحب المحل ، لكنهم يعدّون وجوده في هذا المكان مخالفةً..؟!!
للأسف: إن جزءاً كبيراً مما يحصل من حيث غليان الأسعار في الأسواق وترك التجار يسعّرون على هواهم، وكيفما يشاؤون يعود في جزء كبير منه إلى نقص الرقابة وعدم خوفهم منها، فتراهم واثقين من عدم مساءلتهم، لكونهم أمنوا جانب الرقابة، وباتت علاقتهم جيدة مع بعض عناصرها، وضمنوا أنهم سيغضّون الطرف عنهم … وكل ذلك بسبب تصرفات البعض الذين يسيئون إلى زملائهم وإلى مفهوم الرقابة ، وللأسف باتوا عبئاً على المواطن وعلى مؤسساتهم نفسها لما يقومون به من تصرفات باتت مخجلةً، وعلى الملأ.
فهل تتم إعادة النظر في آلية عملهم والتشديد عليهم أكثر، مع إعادة توزيعهم بشكل دائم ودوري في مناطق مختلفة لا أن يستمروا في نفس المنطقة، منعاً لنشوء علاقات صداقة ومصلحة بينهم وبين التجار بما يبقي المخالفات على حالها ويدفع المواطن والمؤسسات ثمن ذلك؟