عطاء المعلم
المعلم في اليابان لا يوجد لديه عيد سنوي مثل المعلمين العرب، لأن كل أيامه أعياد، من خلال ما يتمتع به من ميزات، أقلها أن لديه حصانة دبلوماسية تمنع سجنه ومعاقبته وتغريمه إلا بموافقة البرلمان، وراتبه هو الأعلى بين رواتب المسؤولين، وخصص بمقاعد في المترو ودور السينما والمسرح لا يجلس عليها أحد غيره.
يحمل ميدالية على صدره مختومة بختم الامبراطور، ويحق له دخول أي دائرة حكومية رسمية، وله مكانته بين أفراد المجتمع.
ولراحة المعلم بشكل أكبر تم تخصيص أسواق له بأسعار رمزية ومدعومة حكومياً، لا تجعله كغيره من المعلمين، كما هو الحال عندنا يفكر يومياً بالتغلب على ظروف المعيشة الصعبة.
ومن هذا الباب حين جرى استطلاع للرأي في اليابان حول حلم الفتيات اليابانيات أنهن يفضلن الزواج من المعلم على غيره من بقية التخصصات.
صحيح أن هناك محاولات عدة جرت على مستوى تحسين التعويضات الخاصة بالمعلمين من أجور مراقبة وتصحيح وغيرها، لكنها تبقى دون المأمول كما هو حال الموظفين في العديد من قطاعات المجتمع، في ظل لهيب الأسعار يوماً بعد آخر.
استقرار المعلم وراحته النفسية دافع مهم لمزيد من العطاء والجهد في بناء الجيل وتقدمه وتطوره، فمن يبني الإنسان غير المعلم، ومن يصنع الرجال ويقوي من عزيمتهم وإصرارهم، ويذكي بهم الحماسة تجاه الوطن وسياجه المنيع، غير بناة الأجيال، وخاصة ممن يبذلون الجهد ويصلون الليل بالنهار ليقدموا الفائدة والعلم والمعرفة للطلبة.
ومن جهة أخرى هناك من عاد للعمل متطوعاً في بعض المناطق للعمل مجاناً بعد تقاعده، من أجل الطلبة الذين يعانون من نقص الكادر التدريسي.
فطوبى لكل معلم شريف متفان يضع أمامه ونصب أعينه تقديم يد المساعدة للطلبة، من دون أن يأخذ سوى كلمة حلوة معبرة تصدر من قبل حنون يقدر معاني ودلالات العطاء، الذي لا حدود له، في زمن باتت فيه هذه العملة النادرة مضرب المثل كما يقولون في الأمثال الشعبية، فلنبارك لهم عيدهم ونشد على أياديهم ونكون عوناً لهم في كل الأوقات.