تستمر العلاقات السورية- الروسية منذ 80 عاماً بالتنسيق والتعاون وخاصة في المراحل المهمة.. من يستطيع أن ينسى دور روسيا (الاتحاد السوفييتي آنذاك) تجاه العدوان الثلاثى في العام 1956 وبعدها نكسة حزيران. وفي تحقيق انتصار تشرين العام 1973 وصولاً إلى التعاون مع القيادة السورية في كسر الإرهاب وإجهاض مشروع التقسيم الذي قادته أمريكا و”إسرائيل” وعملاؤهما وأتباعهما.
وكما قال الرئيس الأسد فإنّ هذه الزيارة ستمهد لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجيا مستندين إلى الثقة المتبادلة. ووضوح الرؤية الإقليمية والدولية لدى الطرفين. وهذا ما سينعكس إيجاباً على تطوير التعاون الاقتصادي. وتفعيل الاتفاقات المبرمة بين البلدين بما يحقق المصلحة المشتركة وبما يترجم على الأحوال المعيشية السورية التي تعاني العقوبات الغربية الجائرة والحصار الخانق. ويبدو أن التحضيرات للزيارة هيأت كل الأسس التي ستطور التعاون الاقتصادي وتسهم في دعم التوجه السوري إلى التعافي واستعادة القدرة الإنتاجية و التهيئة لإعادة العمران الشاملة.
أما في الجانب السياسي فإنّ جهود التعاون بين البلدين مبنية على أساس احترام السيادة الكاملة للجمهورية العربية السورية على أرضها وشعبها ومؤسساتها وأي مساعدة سياسية تساهم فيه وتساعد روسيا على تحقيقها تقوم على هذا المبدأ سواء في السعي إلى نظام إقليمي جديد، أو في الإسهام السوري في النظام الدولي عبر (التوازن) الذي يرى الرئيس الأسد أنه ضروري لتفادي الانفجار. وهكذا فإن التعاون السوري – الروسي في الإطار السياسي يسعى إلى الاستقرار الإقليمي و التوازن الدولي. وكان واضحاً من تصريحات وزير الخارجية الروسية لافروف عقب لقائه الوزير المقداد حرص موسكو و دعمها عودة سورية إلى الجامعة العربية واستعادت دورها العربي الفاعل. والأكيد أن موسكو تتفهم مطالب سورية لضمانات تلزم تركيا بضرورة الانسحاب من الأراضي السورية كأساس لأي تقارب سوري- تركي ترعاه روسيا أو تدفع باتجاهه.
وبعد الاستفزاز الأطلسي لروسيا وإقامة التحالفات العسكرية في مواجهة الصين ومع جنون حكومة “إسرائيل” الفاشية والمجرمة ومع التصيعد المتزايد من هذه القوى. كان لا بدّ من التنسيق السياسي والعسكري السوري- الروسي تحسباً من أي جنون أو عدوان أو تهور صهيوني أمريكي في المنطقة.
من الواضح أن زيارة الرئيس الأسد والوفد المرافق له إلى روسيا ما هي إلّا سعي سوري- روسي للارتقاء بالتعاون بين البلدين في جميع المجالات لتحقيق القدرة الكافية للتصدي للتحديات والمخاطر والتطوير التعاون الاقتصادي. ولفتح سبل استعادة سورية لحياتها الطبيعية ودورها الإقليمي الفاعل في المنطقة والعالم.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات
قد يعجبك ايضا