ظهر الثلاثاء (أمس) كنت أقرأ تحقيقاً لأحد الزملاء يؤكد فيه بالأرقام المبالغ التي وصلت إلى الخزينة العامة نتيجة رفع أسعار المحروقات ورفع الدعم عن شرائح محددة من المواطنين.
ما يثير الانتباه أن مئات مليارات الليرات هي قيمة المبالغ الناتجة عن رفع أسعار البنزين ولمرات متعددة.. أما ما تبقى من المبالغ الأخرى، فهي تفاصيل صغيرة أعطيت أكثر بكثير من الحجم الذي تستحقه في النقاش والتدقيق.. والآمال أيضاً.. بل لا يليق ذكره كإنجاز حكومي، إذا ما تجاوزنا مشاعر الشرائح التي رفع عنها الدعم ( خبز – سكر – رز .. )، وحاجة المصرف المركزي لأضعاف مضاعفة من هذا الرقم حتى يتم البناء عليه اقتصادياً، طالما أسقطنا من الحسابات العامل الاجتماعي..
مساء اليوم نفسه كانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد أصدرت قرار رفع البنزين أوكتان ٩٥ إلى ٦٦٠٠ ليرة سورية.
الوفورات التي تحققت من رفع أسعار المازوت ومن الغاز المنزلي.. وما تبقى من مواد مدعومة فإن وفورات رفع الدعم فيها تدعو إلى الخجل.. وهذا على ما نعتقد يثير شهية الجهات التي تمسك القلم إلى شطب الكثير من الشرائح حتى يصبح وجهها أبيض وتبتسم رغم آلام الناس.. إنهم يخففون الخسائر التي لا تساوي على رأي صديقنا الموهوب ٢٧ % من الاختلاسات في الحبوب والطحين في حلب.. هذا إذا بلعنا ألسنتنا ولم نتحدث عن سرقات مراكز الحبوب في الحسكة مثلاً..
كل هذا نمرره بطيب خاطر، ولكن نسأل: أتى قرار رفع السعر بعد جلسة مجلس الوزراء، ولأننا تابعنا ما ناقشه المجلس في الاجتماع لم يكن هناك أي إشارة من المجلس حول تكليف وزارة حماية المستهلك برفع سعر البنزين- تحت أي أوكتان كان – بل إن ما ورد صراحة من المجلس هو تكليف هذه الوزارة بضبط أسعار المواد والسلع.. وتكليفها بالسعي لتوفير كل المواد الاستهلاكية في شهر رمضان.. فهكذا عالجت الوزارة تكليفها.. برفع أسعار الأوكتان ..؟
بعيداً عن كل ذلك فقد وصلت الدفعة الأولى من البصل المصري والتي تقدر بـ ٧٠٠ طن من أصل ٢٠٠٠ طن إلى مرفأ طرطوس للتدخل الإيجابي بسعر البصل بعد أن وصل سعر الكيلو إلى أكثر من ١٢ ألف ليرة في زحمة سعي الوزارة بملاحقة أحد المحتكرين في ريف دمشق الذي شمّع الخيط وهرب.. وعجزت كل الجهات عن معرفة عنوان مستودعاته التي يحتكر فيها كميات كبيرة من البصل.. الذي سيغرق بها السوق بعد تثبيت سعره على ٦٠٠٠ ليرة حلالاً زلالاً.. مثل رفع أسعار المحروقات.. ورفع الدعم عن بعض الشرائح .. ؟!